اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 266
العباس رضي الله عنه إلا أن وجود الأفاضل كان مانعًا من ذلك إلى أن بلغ الكتاب أجله، وجرى لعثمان رضي الله عنه ما جرى، واستطال من أمر بني أمية، فصار رجوع الأمر إليهم صلة رحم لآل علي رضي الله عنه، ولو كان قد رجع الأمر إلى بني العباس من آل علي كان يكون فيه نوع قطيعة (86/ ب) للرحم.
وقول علي رضي الله عنه: (لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعناها) دليل على فقهه، فإنه كان يرى من فقهه أن لا يسأل العمل فإنه من سأله وكل إليه، ومن لم يسأله أعين عليه، ألا ترى إلى قوله: (وإني والله لا أسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؟ فإنه لما رأى إمساك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا الأمر المهم علم أنه لم يكن إمساكه إلا بأمر محتوم، وأنه لو فجأة أحد بالسؤال عن ذلك لرده عنه، فكان يستمر علي وآله من رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصمة لا تزول، ولذلك قال: (إن منعناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) * يعني في هذه الحال- (لا يعطيناها الناس أبدًا)، وكان من حكمة الله سبحانه أن رتبهم في الخلافة على حسب أعمارهم، فترك آخرهم في الخلافة أطولهم عمرًا ليكون كل منهم قد أخذ من ذلك بقسط يبين فيه معنى قول الله: {محمد رسول الله والذين معه}، فإن كلا منهم قام في وقته بفرضٍ كفى فيه وأبلغ؛ فأبو بكر رضي الله عنه قام في قتال أهل الردة المقام الذي شهد له أنه لم يكن على الحق فيه غيره، وعمر رضي الله عنه قام في وقته من فتوح الأمصار، وبعث البعوث إلى أطراف الأرض حتى امتدت الكلمة وانتشرت الدعوة بها شهد له أنه كان فيه أوحد علمًا.
وعثمان رضي الله عنه قام في وقته من جمع القرآن ومنع الاختلاف وعمارة المسجد وغير ذلك مما كان فيه علمًا واحدًا.
وعلي رضي الله عنه قام في وقته لما ثار من الأمر ما يشكل إلا على الراسخين في
اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 266