اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 137
أن يصفي موارد نيته؛ بأن يبني أمره على أسس محرزة ناظرًا إلى قلبه بعينه؛ فإنه سريع التقلب، وإنه غير مستغن عن تكرير الحق عليه، وتأنيه به، واعتبار إيمانه، وأن ينوي في كل حركة وسكون إرادة وجه الله عز وجل، وأن ينوي حياته لله ومماته لله، كما قال سبحانه: {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمي} فالأمر ظاهر، وأما المحيا والممات فإني أضرب فيهما مثلًا جرى لي في مرضة كنت مرضتها، فنمت، فدفعت إلى أرض ذات ظل ممدود وما يشبه دجلة إلا أنه لا جرف له، ونسيم ذي روح، والوقت على نحو بوح ما قبل طلوع الشمس (39/ ب) في الضياء، فخوطبت وأنا لا أدري من يخاطبني بما معناه: إنك مع الحق- أو نحو هذا- فباكرت على ذلك، وأعدم الخلق؛ فما رأيت أحدًا بحيث لم يبق في ظني إلا أن ليس في الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها سواي؛ لا آدمي يقبل ولا دابة ولا طائر يطير ولا غير ذلك، فبرمت حينئذ من الحياة، وجعلت أتمنى الموت حتى كنت أقول في المنام: لو كان الشرع يجيز أن يقتل الإنسان نفسه لكنت أجد ذلك الآن غنيمة، وعرضت علي الأعمال فكانت تخف حتى عرض علي مختصر كنت قد صنعته في النحو، وقد كررت نساخته بخطي مرارا كثيرة، فلم أبش به، فحينئذ فهمت المعنى؛ أي قد ثبت عندك أنك كنت تريد حياتك لأجل الخلق، وأنك تريد الآن الموت استيحاشًا لهم، وكأني فهمت ذلك معنى قوله: {محياي ومماتي لله رب العالمين}.
- 35 -
الحديث السابع عشر:
[عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالورق ربًا، إلا
اسم الکتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح المؤلف : ابن هُبَيْرَة الجزء : 1 صفحة : 137