اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 296
والتبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب، وكل ما يلتذ به، فلهذا أنزل في حقه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [1].
فإن قلت: كيف يرده - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)} [2]؟ قلت: هذا التبتل المأمور فسره مجاهد، فقال: "أخلص له إخلاصاً" وهو تفسير بالمعنى، وإلا فالتبتل الانقطاع، والمراد انقطع إليه انقطاعاً، ولكن لما كان حقيقة الانقطاع، لا تتم إلا بالإخلاص فسره به.
قوله: "فإن لأهلك عليك حقاً": علل - صلى الله عليه وسلم - أمره لعثمان بما ذكر بأن هذا الاجتهاد في العبادة تضيع به حقوقاً لأهله ولضيفه، ولنفسه، وتضييعها حرام، ولذا قال له: "اتق الله" فالمراد أمره بتقواه في عدم تضييع الحقوق بفعل ما نواه.
قوله: "زاد رزين، وكان حلف.
أقول: أخرجها عبد الرزاق [3] والطبراني [4] عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها: خولة بنت حكيم عليَّ وهي باذَّة الهيئة, فسألتها ما شأنك؟ فقالت: زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان، فقال: "يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا أما لك فيَّ أسوة؟ "فوالله! إني لأخشاكم لله وأحفظكم بحدوده"، والروايات واسعة في هذا المعنى عن عثمان تضمنها الدر المنثور. [1] سورة المائدة (87). [2] سورة المزمل: (8). [3] في "المصنف" (6/ 167 - 168 رقم (10375). [4] في "المعجم الكبير" رقم (8319).
قلت: وأخرجه البزار رقم (1458 - كشف) وابن حبان رقم (9)، بسند صحيح، وهو حديث صحيح.
اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 296