اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 256
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الرد على الشبهة الرابعة:
هذا الحمل فيه تعطيل لفائدة الحديث، وهو نوع من التحريف, وفيه من المفاسد أشياء:
1 - سقوط الاعتماد على هذا الحديث، فإن المنهي عنه علم حكمه بذلك التخصيص.
2 - إن اسم البدعة يكون عدم التأثير.
3 - مساواة البدع بالمعاصي، وغالباً أن البدع شر من المعاصي.
4 - أن قوله: "كل بدعة ضلالة، وإياكم ومحدثات الأمور" إذا أراد بهذا ما فيه نهي خاص، كان قد أحالهم في معرفة المراد بهذا الحديث على ما لا يكاد يحيط به أحد، ولا يحيط بأكثره إلا خواص الأمة، ومثل هذا لا يجوز بحال (أ).
الخامسة: زعم بعض الناس أن جمع القرآن وكتابته في المصحف والاقتصار على مصحف عثمان - رضي الله عنه - بدعة في الدين أحدثها الصحابة والتابعون، وهذا دليل على استحسان البدع.
الرد على الشبهة الخامسة:
1 - ملائمة ما فعله الصحابة - رضي الله عنهم - لمقاصد الشرع بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله، ولا دليلاً شرعياً من دلائله.
2 - إن جمع القرآن لم يأت به الصحابة - رضي الله عنهم - من تلقاء أنفسهم، بل هو تحقيق لوعد الله بحفظه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، وكذلك تحقيق لوعد الله بحفظه وتأليفه، قال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 17] (ب) ومن الآيتين يتبين لنا أن الذي شرع الغاية لم ينس الوسيلة، فكما أن حفظ القرآن غاية شرعها الله كذلك جمعه وسيلة بينها الله.
فكان القرآن على عهد النبوة مكتوباً في الصحف التي هي الرقاع والعسب (جـ) واللخاف (د) وكذلك صدور الرجال، فلما رأى الصحابة أن القتل استحر بالقراء يوم اليمامة لجأوا إلى الوسائل الأخرى التي كان القرآن مكتوباً فيها فجمعوها، وكان ذلك إيذاناً من الله بتحقيق جمع القرآن وحفظه. =
(أ) انظر كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص 272 - 274).
(ب) انظر كتاب "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" لابن جرير الطبري (14/ 599).
(جـ) العسيب: جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يُكشط خوصها اهـ "لسان العرب" (1/ 599).
(د) اللخاف: بالكسر حجارة بيض رقاق واحدتها (لُخفةٌ) بوزن صَحْفَة، مختار الصحاح (248). اهـ.
اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 256