اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 254
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثانية: واحتج بعض الناس بالأثر الذي صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أن في الدين بدعة حسنة.
أما الأثر: عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحدٍ لكان أمثل، فجمعهم على أبي بن كعب قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله (أ).
الرد على الشبهة الثانية:
1 - إن الأثر صحيح عن عمر - رضي الله عنه -، لكن قول الصاحب ليس حجة إذا خالف الحديث الصحيح.
2 - إن صلاة القيام مشروعة بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة, فيقول: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك؛ ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر على ذلك (ب).
3 - كما أن صلاة القيام جماعة مشروعة بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فعن عائشة - رضي الله عنها - أخبرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بصلاته, فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فشهد، ثم قال: "أما بعد: فإنه لم يخف عليَّ مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها" فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك (جـ).
قلت: لقد اتضح من الحديثين السابقين أن صلاة القيام في رمضان مشروعة وصلاتها جماعة مشروعة، وإنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الحضور في الليلة الرابعة مخافة أن تفرض على المسلمين، فلما انقطع الوحي بموت رسول الله =
(أ) أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 114) والبخاري في "صحيحه" (2010).
(ب) أخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 113 - 114) والبخاري رقم (2008) ومسلم رقم (174/ 759).
(جـ) أخرجه البخاري رقم (2012) ومسلم رقم (178/ 761).
اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 254