اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 233
ولهذا يعاقب الله العبد على ذنوبه بتقليب قلبه قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ [29/ أ] أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)} [1] فأخبر أنه عاقبهم بتقليب القلوب لعدم انقيادهم أول مرة لما دعتهم إليه الرسل وقبلته القلوب، فردوا الداعيين من الرسل والقلوب فعوقبت بتقليبها حتى أبصرت الحق باطلاً والباطل حقاً كما قال تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45} [2] فجعل الحجاب على القلوب من فهم القرآن لكونهم لا يؤمنون بالآخرة، بل قال: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [3] الآية. وكقوله: {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [4] وغيرها مما ملأ به القرآن وثبت في السنة أضعاف ذلك.
ففي مسلم [5] حديث: "تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ [كالحصير] [6] عوداً عوداً، فأيُّ قلبٍ أشربَها نُكتَ فيه نكتةٌ سودَاءُ ... " الحديث، وسيأتي شرحه إن شاء الله تعالى.
ولقد اتفق نكتة دالة على سلامة الفطر ما لم تغير [85/ ب] إني سافرت في بعض الأعوام إلى مكة المشرفة من طريق الحجاز فتوسطنا في بلاد الحرامية، وهي ديار ليس فيها شريعة ولا يعرفون إسلاماً، فقعد عندي صَبيَّان لم يبلغا سن التمييز أو هما في أول بلوغها، فما زالا يسألاني سؤال الصِبيان فأكثرا عليَّ حتى رأيا خاتماً في كفي فقالا: بكم هذا؟ فمن النزق [1] سورة الأنعام: (110). [2] سورة الإسراء: (45). [3] سورة الأنعام: (25). [4] سورة التوبة: (93). [5] في "صحيحه" رقم (231/ 144) من حديث حذيفة. [6] سقط من المخطوط، وأضيفت من "صحيح مسلم".
اسم الکتاب : التحبير لإيضاح معاني التيسير المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 233