لحم الجزور خاصة يوجب الوضوء خاصة، وحكى أنه قول قديم للشافعي؛ تمسكًا بما رواه البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: "توضأ منها"، وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: "لا يُتَوَضَّأُ منها" [1].
وهذا محمول عند الجمهور: على غسل اليد والفم منها لشدة رائحتها، وكثرة دهنها وزهومتها.
وحكي عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صح الحديث من الوضوء من لحوم الإبل قلت به [2]. [1] أخرجه أحمد (4/ 288)، وأبو داود (184)، والترمذي (81)، وابن ماجه (494)، وابن خزيمة (32) وابن حبان (1128) وغيرهم.
من طريق عبد اللَّه بن عبد اللَّه الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه بنحوه.
قال الحافظ في التلخيص (1/ 115).
قال ابن خزيمة في صحيحه: لم أر خلافًا بين علماء الحديث، أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه، وذكر الترمذي الخلاف فيه على ابن أبي ليلى هل هو عن البراء أو عن ذي الغرة، أو عن أسيد بن حضير، وصحَّح أنه عن البراء كذا ذكره ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه.
قلت: وصحح إسناده الشيخ الألباني -رحمه الله- في الإرواء (1/ 153). [2] قلت: صح فيه حديثان.
قال الترمذي (1/ 125): قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة وهو قول أحمد وإسحاق.
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 116):
فائدة: قال البيهقي: حكى بعض أصحابنا عن الشافعي، قال: إن صح الحديث في لحوم الإبل، قلت به، قال البيهقي: قد صح فيه حديثان، حديث جابر بن سمرة وحديث البراء قاله أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
وهذا هو القول الصحيح في المسألة لصحة النص في ذلك؛ وقد أنصف الإمام النووي -رحمه اللَّه- عندما قال: هذا المذهب أقوى دليلًا، وإن كان الجمهور على خلافه وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: "كان آخر الأمرين من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار".
ولكن هذا الحديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام. شرح مسلم (2/ 284).