وقوله: "كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء".
فيه دليل على أن ذلك أمر كان يتواتر منهم، وأنه قد كثر حتى صار كالعادة ولم يكن نادرًا.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن النوم ينقض الوضوء، إلا أنه إذا كان النائم قاعدًا متمكنًا بمقعدته من الأرض ولو تجافى بمقعدته انتقض.
وحكى البويطي، والزعفراني عنه قولًا قديمًا له: إن نام في الصلاة فلا تنفض طهارته، وهو ضعيف، وحكى مثله عن ابن المبارك.
وأما أبو حنيفة فقال: إذا نام مضطجعًا وجب عليه الوضوء، وإن نام قائمًا، أو راكعًا، أو ساجدًا، أو جالسًا؛ ولا [1] وضوء عليه.
وهو يعتبر أن يكون على حالة يكون على مثلها في الصلاة في حال الاختيار، وبه قال الثوري، وابن المبارك، وداود.
وقال مالك: النوم ينقض الوضوء بكل حال؛ إلا أن يكون جالسًا أو يكون نومه يسيرًا؛ فإن كثر نقض.
وأما أحمد: فإنه اعتبر ما اعتبره أبو حنيفة وزاد فيه؛ أن يكون النوم قليلًا.
وأما الاضطجاع: فقليل النوم وكثيره ينقض عنده.
وقال المزني: قليل النوم وكثيره على جميع حالاته ناقض، وبه قال الحسن وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيدة، وقال به من الصحابة أبو هريرة، وعائشة، وروي عن علي.
وقال ابن عباس: الوضوء على كل نائم إلا من خفق برأسه خفقة أو خفقتين.
وقال الزهري: كانوا لا يرون بغرار [2] النوم بأسًا، يعني أنه لا ينقض الوضوء. [1] كذا بالأصل بذكر (و) في جواب الشرط ولا وجه لها والصواب [فلا]. [2] قال البغوي: أصل الغرار: النقصان، وأراد بغرار النوم: قلته. شرح السنة (1/ 339).