قال الشافعي: وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بالمُدِّ واغتسل بالصاع [1].
قال الشافعي: وفي هذا ما دل على أن لا وقت فيه لإكماله؛ واللَّه أعلم.
مع أنه قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الجنب: "فإذا وجدت الماء فأمسه طهرك" [2] بغير توقيت شيء منه.
وبيان المذهب هو: أنه لا حد للماء الذي يغتسل به الجنب ويتوضأ به المحدث، إلا بأن يُمِرَّ الماء على الأعضاء ثم يجريه عليها.
قال الشافعي: فقد يخرق بالكثير فلا يكفى، ويرفق بالقليل فيكفي.
قال: وأحب إليَّ أن لا ينقص مما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه توضأ بالمُدِّ واغتسل بالصاع.
وحكي عن محمد بن الحسن أنه قال: لا يمكن للمغتسل أن يعم جسده بأقل من صاع، ولا المتوضئ أن يسبغ أعضاء وضوئه بأقل من مد. وفي هذا نظر: فإنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ بثلثي مد [3].
ويمكن أن يستخرج من هذا الحديث مسألة معاياة [4]. [1] أخرجه البخاري (201)، ومسلم (325).
من حديث أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد" لفظ مسلم. [2] أخرجه أحمد (5/ 146 - 147)، وأبو داود (332 - 333) وغيرهم من حديث أبي ذر، وفيه قصة، وفي اخره: (إن الصعيد الطيب طهور -ما لم تجد الماء، ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمس بشرتك).
ولفظ أبي داود: (فأمسه جلدك) واللفظ المذكور غريب.
وهذا حديث مختلف في ثبوته وفي أسانيده اضطراب كثير وانظر "نصب الراية" (1/ 148)، "والتلخيص الحبير" (1/ 154). [3] أخرج أبو داود (94)، والنسائي (1/ 58)، وفي الكبرى (76) عن أم عمارة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: توضأ فأتي بإناء فيه ماء قدر ثلثي مد).
وصححه الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- في صحيح النسائي (72). [4] أي: نادرة أو لا أصل لها.