تعالى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [1] في إحدى القراءتين.
وأما الفرق بين "نبع" و"ينبع"، فإنه مع المستقبل حكاية الحال الحاصلة عند نبوع الماء، كأنه استحضر الحال عند حديثه، وصورها عند خطابه، وليس كذلك "نبع" إنما هو حكاية حال ماضية، والمستقبل في هذا النوع من الخطابة أبلغ وأحسن وإلى القلوب أقرب، وبها أعلق وعندها أبين، وكثيرا ما يجيء هذا الفعل في القرآن العزيز؛ لما فيه من الفصاحة والبيان.
وقوله في رواية البخاري: "حضرت الصلاة" أي حضر وقتها ودنا زمانها، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ثم لما حذف المضاف واتصل الفعل بالصلاة أثبت فيه تاء التأنيث لتأنيث الصلاة.
"والمخضب": كالإجانة والمركن [2].
و"من" في قوله: "من حجارة"، لتبيين الجنس، كقولك: ثوب من خَزٍّ.
وقوله: "فصغر المخضب أن يبسط فيه يده" وقيل في رواية: "عن أن يبسط"، وفي رواية بحذف "عن"؛ والأصل إثباتها لأن "صَغُرَ" فعل قاصر لا يتعدى إلا بمعد، كأنه قال: صغر عن بسط يده، وأما من حذفها فلأن حروف الجر قد تحذف، وهي مدارة لكثرة الاستعمال؛ والأصل ما ذكرناه.
"والبسط": ضد القبض، والمراد نشر أصابعه وكفه في الإناء، وتكتب بالسين والصاد لأجل الطاء، لأن السين تبدل صادًا إذا وقعت قبل أربعة أحرف وهي: الطاء، والحاء، والعين، والقاف، هربًا من كلفه الصعود من الأدنى إلى الأعلى عند النطق، وليصير النطق بالحرفين من مكان واحد، بخلاف ما إذا وقعت بعدها فإنه يكون نزولًا من الأعلى إلى الأدنى.
وبيان ذلك: أن هذه الأحرف الأربعة مخرجها من أعلى الحنك الأعلى، [1] الأنعام: [94]. [2] قال المصنف في النهاية (2/ 39): المخِصب بالكسر: شبه المركن، وهي إجَّانة تغسل فيها الثياب.