ومع حذف الباء، يدل على أخذ جميعه والتمكن منه، وهذا مما يعضد قول مَنْ ذَهَبَ إلى إيجاب مسح اليسير من الرأس، على ما نذكر مفصلًا -إن شاء اللَّه تعالى.
ولدخول الباء فائدة لولاها لم تكن، وذلك أن: "الغسل" لغة يقتضي متى ذُكِرَ مغسولًا به، والمسح لا يقتضي ممسوحًا به، فلو قال: امسحوا رءوسكم، أو مسح رأسه، لم يفد ذلك ممسوحًا به، ولأجزأ مسح اليد على الرأس بغير شيء سوى إمرار اليد عليه، فدخلت الباء لتفيد متعلقًا به وهو الممسوح به وهو الماء، والتقدير: وامسحوا برءوسكم الماء، ويكون هذا على القلب، أي امسحوا رءوسكم بالماء، وذلك جائز في العربية.
أو يكون على الاشتراط في الفعل والتساوي في نسبته، كأنه لما حصل في التلاقي بين الرأس والماء؛ كان كل واحد منهما ممسوحًا بالآخر، فَذَكَرَ أحدَ الأمرين الجائزين -واللَّه أعلم.
وقوله "فأقبل بهما وأدبر": أي أنه وضع يديه على مقدم رأسه مما يلي وجهه، ومر بهما إلى دبره أي جهة قفاه، وكذلك قد شرحه في الحديث فقال: "بدأ بمقدم [رأسه] [1] ثم ذهب بهما إلى قفاه".
"والاستنثار": الامتخاط وهو: نثر ما في الأنف من بالأذى بالنَّفَسِ، وهو من نثرت الشيء، أنتثره نثرًا؛ إذا غرفته وألقيته، والنثرة الفرجة بين الشاربين حيال وترة الأنف، والنثرة للدواب شبه العطسة.
وقد جاء في بعض الروايات الجمع بين الاستنشاق والاستنثار؛ لأن الاستنشاق إلى فوق، والاستنثار إلى تحت وبهما يحصل نظافة الأنف والغرض المطلوب من غسله. [1] ما بين المعقوفقين سقط من الأصل والسياق يقتضيها، بل هو نص الرواية التي عليها مدار الكلام.