اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 771
الشافعي: إنما وقع شرط الإرادة في الانتهاء إلى المدة والنقصان منها، فأما في الزيادة عليها فلا [1].
والجواب: إنا نقول إن شرط الإرادة وقع مطلقًا فتخصيصه ببعض محتملاته يفتقر إلى بعض وإلى دليل، فأما إذا فطم قبل تمام الحولين فلا إشكال في أنه إذا استغنى وبعد لا يلحق الارتضاع الثاني بالأول في حكم التحريم وإن كانت المدة قائمة لفقه صحيح؛ وذلك أن المدة لم تضرب لعينها وإنما ضربت ليجري الرضاع فيها، وعلقت الإرادة كما اتفقنا عليه قبل الحولين، فإذا قطعت بالإرادة ووقع الاستغناء عنها لم يكن لصورة المدة اعتبار، وركب علماؤنا على هذا مسألتين:
إحداهما:
إذا حلب لبن ميتة، وهي مسألة معضلة، قال جماعة من العلماء: لا يحرم لبن الميتة لأن الإرضاع فرع الوطء ووطء الميتة لا يوجب حلًا ولا تحريمًا فالرضاع بذلك أولى [2]. وعوَّل علماؤنا على أن اللبن في الميتة مختزن قد تولد في وقت كانت حرمة الأصل فيه باقية فلا فرق بين أن يكون في ثديها أو في كونه في كوز منفصل عنها [3]، وهي قد ماتت وليس بينهما فرق عند الإنصاف إلا أن الثدي وعاء نجس وليست نجاسته اللبن مما يرفع انتشار الحرمة به اتفاقًا وهذا منتهى الكلام.
وأما مزج اللبن بمائع أوجامد حتى استهلك وهي [1] انظر الروضة للنووي 9/ 7، تكملة المجموع 18/ 212، أحكام القرآن للكيا الهراسي 1/ 277، والاشراف لابن المنذر ص 112 وهو أيضًا مذهب أحمد، انظر الإفصاح لابن هبيرة 2/ 178، المغني 8/ 178. [2] هذا مذهب الشافعي. انظر تكملة المجموع 16/ 221، والاشراف ص 116 - 117. ورجح خلاف مذهب الشافعي؛ فقد قال: واختلفوا إن حلب من ثديها بعد الموت فاسقيه صبيًا ففي قول أبي ثور وأصحاب الرأي: هو الرضاع يقع به التحريم، وذلك أن الشيء الذي يقع به التحريم اللبن، وبه قال الاوزاعى وابن القاسم، صاحب مالك. وقال الشافعي: لا يجعل لما حلب بعد الموت حكمًا، قال: لأنه لا يكون للميت فعل. قال أبو بكر: القول الأول أصح لأن المعنى الذي يقع به التحريم اللبن، واللبن قائم في حياتها وبعد وفاتها وليس الذي يقع به التحريم الميتة إنما هو اللبن وانظر فقه أبي ثور ص 495. [3] انظر المنتقى 4/ 150، مواهب الجليل 4/ 178.
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 771