اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 1159
الآخر, لأنّ الخلافة هي عمل بعد ذهاب المستخلف والبارئ سبحانه وتعالى آخر بعدَ كل أحدٍ بدوام الوجود، كما هو أول قبل كلِ أول بقدم ابتداء الوجود، وعلم أيضًا ما يقوله: (إذا نزل أعوذ بكلماتِ الله التامّاتِ من شرِّ ما خلقَ) [1] وضَمِنَ عدم الضرر بها، فلعمر إلهكم لقد جربتها أحد عشر عامًا فوجدتُها.
وبوّب على ما جاء في الوحدة، وهو كلام صحيح، فإن الرفيقَ قبل الطريق [2]، لا شيء أصعب على المرء من الانفراد بين سمعِ الأرضِ وبصرها، وهو عُرضةً للشيطان، ولا ينبغي لأحدٍ أن يفعلهُ إلا للضرورة، وأقل الصحبةِ ثلاثة, لأنّ أحدهم إن مضى يحتطب أو يستقي بقي اثنان، وجعلَ النبي- صلى الله عليه وسلم - الواحد شيطانًا مجازًا [3]، كأنه صاحب الشيطان، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مَقامَهُ، ويدفع خوفه الأذان كما جاء في صحيح مسلم [4] وآية الكرسي، فإن من قرأها لا يقربُه شيطان [5]، وهذا الذي ورد منه في الحديث [1] الموطأ 2/ 978 مالك عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من نزل منزلًا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لن يضره شئ حتى يرتحل) الموطأ 2/ 978.
ورواه مسلم بلفظ الموطأ من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن الحارث بن يعقوب عن يعقوب المذكور. مسلم في كتاب الذكر والدعاء باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشفاء وغيره (2708). [2] أي حصَّلْ الرفيق أولاَّ واختبره فربما لم يكن موافقًا ولا تتمكن من الاستبدال به. مجمع الأمثال للميداني 2/ 52. [3] مالك في الموطأ 2/ 978 من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) وأخرجه أبو داود (2607) في الجهاد، والترمذي (1674) في الجهاد وقال حسن صحيح والبغوي في شرح السنة 11/ 21، وحسنه وأحمد في المسند 2/ 86 أو 214. [4] مسلم في كتاب الصلاة باب فضل الأذان (389) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس). [5] روى البخاري تعليقًا في الوكالة باب إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائر 3/ 132، قال: وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو: حدَّثنا عوف عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت والله لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال: فخليت عنه فأصبحت فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة)؟ قال: قلت: يا رسول الله حاجة شديدة وعيالًا فرحمته فخليت سبيله، قال: (أما إنه قد كذبك وسيعود) فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام وبعد ثلاث مرات قال له: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها فعلمه آية الكرسي.
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 1159