responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1131
النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (في الحبِّة السوداء شفاء من كل داءً إلا السَّام) [1] فقال علماؤنا إن هذا خرجِ مخرج العموم، والمراد به الخُصوص وذلك أن الغالب من الأمراضِ إنما هي الرطوبات فنبَّه به على أمثَالِه ورأيت بعضَ علماءِ الطب يقول إنما أراد بذلك الشونيز [2]. التنبيه على أنَّ كل دواءٍ وإن كان للحارِ اليابس لا بدَّ من أن يكون فيه حار يابس ويسمون الأدوية الباردة الرطبة [3] وللأدواء الحارة اليابسة جثة ويسمون ما يضيفون إليها من الأدوية الحارة اليابسة أجنحة هذا منتهى كلامه وهو صحيح مليحٌ وقد مهَّدناه في شرح الحديث، وكذلك سقيه العسَلِ لصاحب الإسهال أصل في أنّ كل تخمةٍ أو داءٍ غالبٍ من خلطٍ لا يعافى إلًّا بإخراج ذلك الخلط، فإذا أجرى الله تعالى العادةَ بخرُوجه فليعن على الخروج حتى إذا نفد الخلط ارتفع المرض فهذا هو الذي راعى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الأمرِ بالعودةِ إلى الشرب والسائل يجهل هذا القدر ويعود إلى الشكوى حتى قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (صدق الله العظيمَ)، يعني في قولهِ: {شفاء للنّاس} [4] وكذبَ بطنُ أخيك فيما رأيت من أمرهِ) ويتركب على هذا أصل عظيم من الطب وهو أنّ الدواءَ إذا لم يرفع الداءَ فلا يخرجه ذلك عن أن يكونَ دواء، فإن البارئ تعالى إن شاء أن يخلقَ الشفاء عقب الدواء خلقه وإن شاء أن يمنع منه بعارضٍ آخر وبغير عارضٍ منع، وقد أخبرني بعض علمائنا أن بعض الناسِ أصابته حمى [5] فاغتسل بالماء فزاده ذلك شدة فقال في قولِ النبي- صلى الله عليه وسلم - كلاماً لا أرضى ذكره، وكان ذلك بجهل المتناولِ للماءِ فإن قولَ النبي- صلى الله عليه وسلم -: (أبردوها بالماء) أو بردوها يحتمل وجهين أحدهما أن يكونَ ذلك بشرب الماءِ البارد، فإنه قد يطفئ الحرارة الباعثة للداءِ ويكون من أحدِ الأدويةِ وقد شاهدتُ هذا في نفسي فإنه كان عندي عليلٌ فكان يستدعي الماء كثيرًا فخفت عليه منه وتوقعتُ أن يرميه في نفخٍ فمنعته وكان ذلك برأي بعضهم فلقيتُ بعضَ أهل الصناعة فحدثته بمرضهِ وصفة حالهِ فقال قتلته إسقهِ الماء يبرأ فكان ذلك ويحتملُ أن يكونَ التبريدُ بالماءِ في الأطراف لا في جميع البدن ألا ترى أسماء كيف كانت تصب الماء على المحموم بينه وبينَ ثيابه ولا تصبه على بدنه كله [6].

[1] رواه البخاري في كتاب الطب باب الحبة السوداء 7/ 160 ومسلم في كتاب السلام باب التداوي بالحبة السوداء (2215) من حديث أبي هريرة إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام والسام الموت ...) لفظ مسلم.
[2] الشونيز هو الحبة السوداء كما ورد في الحديث السابق. .
[3] في ج المرطبة.
[4] سورة النحل آية (69)
[5] في ك الحمى.
[6] متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الطب باب الحمى من فيح جهنم 7/ 167، ومسلم في كتاب السلام باب =
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست