responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1129
وقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بالغسل من الحمى فقال: (فأبردوها بالماء) [1] وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يصب عليه في مرضه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن [2] وقد استرقى بجبريل وقال له باسم الله أرقيك والله يشفيك [3].
القول الثالث: وقالت طائفة أخرى يجوز التطبب قبل حصول الداء احترازًا منه واستدامة للصحة التي هي قوام العبادة وهذا كله قد استوفيناه على التفصيل والتطويل في شرح الحديث لانتشار أطرافه وكثرة تفاصيله والذي يضبطه الآن ثلاثة فصول:
الفصل الأول: أن التطبيب جائز من غير شك لا يحط المرتبة ولا يقدح في المنزلة وذلك إذا نزل الداء فأما قبل نزوله فقال علماؤنا إن ذلك مكروه والذي عندي فيه أنه إذا رأى المرء أسبابه وخشي من نزوله فإنه يجوز له قطع سببه بالتداوى فإن قطع السبب قطع للمسبب ولو كان التداوي يحط المرتبة والاسترقاء يقدح في المنزلة ما استرقى - صلى الله عليه وسلم - ولا رقى ولا تداوى فأما قوله هم الذين لا يسترقون الحديث ففيه ثلاث تأويلات الأول هم الذين لا يسترقون بالتمائم كما كانت العرب تفعله التأويل الثاني هم الذي لا يسترقون قبل حلول المرض التأويل الثالث هم الذين لا يسترقون عند اليأس كما فعل الصديق. فإن قيل لو ترك رجلٌ التطبب والاسترقاء أصلًا وتوكل على الله تعالى وفوض أمره إليهِ ولم يستعمل رقيةً ولا دواء. قلنا إن صحت نيته وتناسبت أفعاله فهي منزلة كما قلنا وقليل ما هم وإن لم تتناسب أفعاله فقد ترك سنةً، وإنما يترك التطببُ كما قلنا في حالين قبل الداء وسببه وعند اليأس كما فعل الصديق وكما فعلَ عمران بنِ حصين فإنه قد كان صار له الداء زمانة حتى لزمه أربعين عامًا والزمانة لا يبرأ منها أبدًا فاستعمل هو الكي مع اليأس فما أفلح ولا أنجح وحطت

[1] متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الطب باب الحمى من فيح جهنم 7/ 167، ومسلم في كتاب السلام باب لكل داء دواء واستحباب التداوي (2210) من حديث عائشة.
[2] روى البخاري من حديث عبيد الله بن عتبة أن عائشة قالت لما ثقل النبي- صلى الله عليه وسلم- واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين ابن عباس ورجل آخر قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بن عباس فقال: أتدري من الرجل الآخر؟ قلت: لا، قال: هو علي، وكانت عائشة رضي الله عنها تحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعد ما دخل بيته واشتد وجعه: (هريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن ..) البخاري في كتاب الوضوء باب الغسل والوضوء في المخضب 1/ 61.
[3] رواه مسلم من حديث أبي سعيد في كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى (2186) والترمذي رقم (972).
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست