responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 472
23_ وعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما أحدٌ أصبر على
أذى يسمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعُافيهم ويرزقُهم). متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فينبغي أن يفسر الأول بذلك، كأنه قيل: يسب مدير الأمر ومقلب الليل والنهار، وأنا المدير
والمقلب، فجاء الاتحاد.
الحديث العشرون عن أبي موسى: قوله: (ما أحد أصبر) الصبر الحبس، ومنه قتلته صبراً،
أي حبساً، ومعنى الصبر حبس النفس على ما تكرهه، والعافية السلامة ودفع البلاء والمكروه،
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (معافى في جسده). والرزق الحظ والنصيب، سواء كان مطعوما أو مالا، أو
علما، أو ولداً، وقوله: (يسمعه) صفة (أذى)، والرزق الحظ والنصيب، و (من الله) متعلق بقوله: (أصبر) لا (يسمعه)
و (يدعون) إلى آخره بيان للكلام السابق. يقول: ما أحد أشد صبراً من الله تعالى بإرسال العذاب
إلى مستحقه_ وهم كفار_ على القول القبيح، وهو قولهم: (إن لله ولداً) يسمعه منهم. ثم
يدفع عنهم البلاء والضرر، ويرزقهم السلامة وأصناف الأموال، ولا يجعل تعذيبهم. وفي
الحديث إشارة إلى أن الصبر على احتمال الأذى محمود، وترك الاشتغال بالمكافآت والانتقام
ممدوح، ولهذا كان جزاء كل عمل محصوراً، وجزاء الصبر غير محصور؛ إذا الصبر والحلم في
الأمور هو التخلق بأخلاق مالك أزمة الأمور، وبالصبر يفتح كل باب مغلق، ويسهل به كل
الأمور هو التخلق بأخلاق مالك أزمة الأمور، وبالصبر يفتح كل باب مغلق، ويسهل به كل
صعب مزيج.
أقول: في الكلام إشكال، وذلك أنك إذا قلت: زيد أجرأ من عمرو، فإنه يلزم منه فضل
جزءة زيد على جرءة عمرو، فإذا نفيته فقلت: ما زيد بأجرأ من عمرو، لزم منه إما نقصان جرأة
زيد، أو مساواتهما، وكذا هاهنا، ولكن القصد إلى أن القصد إلى أن الله تعالى أصبر من كل أحد فكيف
ذلك؟ والجواب: المراد هاهنا نفي نفي ذات المفضل وقلعه من سنخة، فإذا انتفت ذاته انتفت المساواة
والنقصان بالطريق الأولى، ألا تراهم يقولون في مثل قولك: ما زيد إلا شاعر: إن (ما) دخلت
على زيد فتفت الذات، ولما لم يكن النزاع فيها توجه النفي إلى مافيه النزاع من صفاته، والقصد
هنا إلى نفى الذات، وليس النزاع إلا فيه، فلا يلزم المساواة ولا النقصان، فإذا الغرض نفي
الموصوف، وإنما ضمت إليه الصفة ليؤذن بأن انتفاء الموصوف أمر محقق لا نزاع فيه، وبلغ في
تحققه إلى أن صار كالشاهد على نفي الصفة، كما تقوله: لا ترى الضب بها ينحجر
ــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 472
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست