responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 471
22_ وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله تعالى: يؤذيني ابنُ
آدم يسب الدهر، وأنا الدهرُ، بيدي الأمرُ، أُقَلب الليل والنهار). متفق عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث التاسع [عشر] عن أبي هريرة (رضي الله عنه): قوله: (يؤذيني) الإيذاء إيصال
المكروه إلى الغير قولا أو فعلا، أثر فيه أو لم يؤثر، وإيذاء الله تعالى عبارة عن فعل ما يكرهه،
ولا يرضى به، وكذا إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقيل: روى السجستانى نصب (الدهر) في (أنا الدهر)
أي أقلب الليل والنهار في الدهر. وقيل: الرفع أولى.: وهو كذلك؛ لأنه لا طائل تحته
على تقدير النصب، أما معنى فلأنه لا فائدة في قوله: (أنا أقلب الليل والنهار في الدهر)؛ لأن
الكلام مسوق للرد على الساب والإنكار عليه، وأما لفظا فإن تقديم الظرف إما للاهتمام، أو
الاختصاص، ولا يقتضي المقام ذلك؛ لأن الكلام مفرغ في شأن المتكلم، لا في الظرف، ولهذا
عرف الخبر باللام لإفادة الحصر، فكأنه قيل: (أنا أقلب الليل والنهار لا ما تنسبونه إليه).
قيل: الدهر الثاني غير الأول، وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه أنا الدهر المصرف المدبر
المفيض لما يحدث. (غب) والأظهر أن معناه أنا فاعل ما يضاف إلى الدهر من الخير والشر،
والمسرة والمساءة، فإذا سببتم الذي تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد شتمتموني. (قض): قيل: فيه
إضمار المضاف، والتقدير: أنا مقلب الدهر والمتصرف فيه، والمعنى أن الزمان يذعن لأمري لا
اختيار له، فمن ذمه على ما يظهر فيه صادراً فقد ذمني، فإني الضار والنافع.
ولقائل أن يقول: وقد تقرر في المعاني أن المعرف إذا أعيد كان الثاني غير الأول. وعلى
التقادير لا يلزم اتحاد المعنى لأن السبب غير المسبب. قلت: ورد النهى على الساب الدهرى الذي
يسب الدهر لا لذاته، بل لتصرفاته وحوادثه التي على خلاف مراده، ويعقد أنه هو الفاعل
الحقيقي، وأنه مستقل بها، كقولهم: (وما يهلكنا إلا الدهر) على قصر القلب كما مر، فقيل
لهم: ما تعتقدونه من الفاعل الحقيقي هو الله تعالى. ويعضد هذا التقرير قوله - صلى الله عليه وسلم -: (بيدى الأمر
أقلب الليل والنهار) فإنه - صلى الله عليه وسلم - أوقع: (بيدى الأمر أقلب الليل والنهار) بياناً وتفسيراً لقوله: (أنا
الدهر) ولا ارتياب أن معنى الدهر لغة ليس بذلك.
قال الراغب: (الدهر في الأصل اسم لمدة العالم)، وعليه قوله تعالى: (هل أتى على
الإنسان حين من الدهر) ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة، وهو خلاف الزمان، فإنه يقع على
المدة القليلة والكثيرة، فإذا المراد في الحديث بالدهر مقلب الليل والنهار ومصرف الأمور فيها،
ـــــــــــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 471
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست