ولهذا عامة أهل العلم على أن الصبي لا يجزئ أن يحج عن ميت حجة الإسلام.
وقد ذكر الطحاوي ([2]/ 257) أن حج الصبي قبل بلوغه مثل صلاته ثم بلوغه في الوقت بعد ذلك، وأن عليه أن يعيدها، وأنه في حكم من لم يصليها، ونقل الإجماع على هذه الصور الأخيرة، وهذا غريب فخلاف الشافعي في المسألة مشهور وأنه يجزيه، ولا يلزمه الإعادة؛ لأن الصلاة وظيفة الوقت وقد أداها، ومذهب الجمهور [1] في هذه المسألة وجوب الإعادة، والصبي يكتب له حسنات ولا يكتب عليه سيئات حتى يبلغ ولهذا أمر بالصلاة لسبع [2]، فوضوءه إذا ميّز وصلاته صحيحة، وقبل التمييز لا يصح.
سؤال: (إذا كان الحج فرض في العام التاسع من الهجرة ألا يكون هذا قولًا بكونه على التراخي)؟
جواب: قد ذكرنا أنه كان في العام التاسع وذكرنا عن تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أجوبة، وقد كان هناك أناس يحجون بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي الصحيحين عن ابن عباس: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن امرأتي انطلقت حاجة وإني اكُتتبت في غزوة كذا وكذا! قال: «ارجع فحج مع امرأتك» [3]. وهذا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا قطعًا ليس في السنة العاشرة إذْ لم يكن فيها غزو فقد دانت له الجزيرة - صلى الله عليه وسلم - فهذا كان قبل السنة العاشرة في التاسعة ومحتمل قبل ذلك:
وفي العام الثامن لما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة لم يكن يستطيع أن يحج، لأنه قد فتح مكة في رمضان ومكث أشهرًا بعده يوطئ الأمن لدولة الإسلام الجديدة - أو المتوسعة حتى افتُتِحت مكة، لذلك ذكر أهل السيرة أنه استعمل عتاب بن أسيد على الحج. [1] انظر: «المغنى» (2/ 50). [2] وفي هذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع». [3] أخرجه البخاري (2844، 4935)، ومسلم (1341)، وغيرهما.