فهذا الوجه فيه ضعف من هذه الحيثية، ويمكن أن يقال بالفرق فإنما صح حج الناس في مثل هذه الصورة لعدم العلم.
فالصحيح أن الحج فرض في العام التاسع من الهجرة، وعلى هذا ما يكون النبي تركه إلا بأعذار فيكون الأصل الحج على الفور.
وقد حكى شيخ الإسلام اتفاق الصحابة والسلف أنه على الفور كما في شرح العمدة ([2]/ 215).
ويدل عليه أثر عمر - رضي الله عنه -، وقد روي عنه من غير وجه وهو ثابت عن قوله: «من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًّا أو نصرانيًّا» [1].
وفي لفظ عنه: «ولقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار فينظروا كل رجل ذا جِدة لم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين» [2].
قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: وهذا قول عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة اهـ.
والمشهور عند الشافعية أن الحج فرض في العام السادس من الهجرة، وعلى هذا جرى قولهم واشتهر عنهم أن الحج ليس بواجب على الفور، وإنما على التراخي، والعجيب أنهم يقولون: الحج ليس بواجب على الفور، ولكن من مات علمنا أنه واجب عليه، فيلزمه إن كان ترك مالًا أن يخرج من تركته من يحج عنه.
واحتج بعض الشافعية وغيرهم بأنه في قراءة بعض أصحاب ابن مسعود كعلقمة وغيره من أصحاب ابن مسعود، وصح عن إبراهيم النخعي أنه قرأ قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} بلفظ: (وأقيموا). [1] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 306) رقم (14455) بلفظ: «من مات وهو موسر لم يحج فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا»، والبيهقي في سننه الكبرى (4/ 334) رقم (8444)، أبو نعيم في الحلية (9/ 252) بألفاظ تدل على نفس المعنى كلها عن عمر - رضي الله عنه -. [2] ذكره شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 215) لكني لم أقف عليه في الأمهات.