فالإباحة على ما سبق حكم شرعي، نقل الآمدي اتفاق المسلمين على ذلك وَبَيَّنَ أنه لم يخالف في ذلك إلاَّ بعض المعتزلة [12].
وموضوعنا أخص من ذلك الحكم العام، موضوعنا: هَلْ فِعْلُ النَّبِىِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَوْلُهُ أَوْ تَقْرِيرُهُ لِفِعْلٍ مِنَ الأَفْعَالِ يُعْطَى حُكْمًا شَرْعِيًّا؟ أقل ما يقال عنه: إنه رفع الحرج عن فعله؟ أو لا يعطى هذا الحكم؟.
«أَكَلَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القِثَّاءَ بِالرُّطَبِ» [13]، هل يفيد هذا إباحة أكل القثاء بالرطب أو لا يفيد؟ هل يفيد هذا جواز الجمع بين لونين من الطعام أو لا يجيز؟ لو سألنا المخالف: ما الحكم الشرعى لأكل القثاء بالرطب؟ هل هو حلال جائز؟ أو حرام ممنوع؟ ماذا يقول؟ لا مناص له من أنْ يقول: حلال جائز، فإذا قلنا له: ما دليلك؟ قال: فعله النبى - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
واذا سألنا المُخَالِفَ: ما الذي يدل عليه فعل الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفعل من الأفعال؟ لا مناص له من أَنْ يقول: يدل على مطلق الإذن الذي يشمل الوجوب والندب والإباحة ما لم يوجد دليل على تعيين واحد منها. إلى هذا ذهب جمهور الأُصُولِيِّينَ، وقال بعضهم: يفيد الوجوب إلاَّ إذا وجدت قرينة مانعة من الوجوب، وقال بعضهم: يفيد الاستحباب إلاَّ إذا وجدت قرينة مُعَيَّنَةٌ لغيره.