اسم الکتاب : شرح الموقظة للذهبي المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 96
لا يستند عليه ولا يحتج به وإذا كان الأمر كذلك فهل لنا أن نتعرف على وسائل النقاد وجوانب معرفتهم الحديثية التي مكنتهم من ارتياد هذا المجال ...
ومن كل هذا نستفيد أن الكشف عن العلة يحتاج إلى علم غزير بالأسانيد والطرق وأساليب التعبير كما يحتاج إلى مزيد فهم ومعرفة وحدة ذكاء وسرعة بديهة وإن شئت فقل هو فن القلة من الناس وحتى هؤلاء القلة فإنهم متفاوتون في القدرة عليه.
يقول ابن كثير في اختصار علوم الحديث وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه ومعوجه ومستقيمه فمنهم من يظن ومنهم من يقف بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث وذوقهم حلاوة عبارة الرسول التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة يدركها البصير من أهل هذه الصناعة.
ويقول ابن الصلاح في هذا ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي أو بمخالفته غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن.
أما الخطيب البغدادي فإنه يقول السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان.
المطلب الثاني: وسائل الكشف عن العلة:
إن كتب العلل تحمل بين طياتها صورة كاملة شاملة لما ينبغي أن يكون عليه رجل هذا الفن وأنه إن كان حصر جوانب هذه المعرفة لا يمكن في مبحث صغير فإن ذكر أهم هذه الجوانب يسير ومعقول وفيما يلي بعض هذه الجوانب.
1 - معرفة المدارس الحديثية ونشأتها ورجالها ومذاهبها العقدية والفقهية وأثرها وتأثيرها في غيرها وما تميزت به عن غيرها، فقد نشأت للحديث مدارس في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ومصر واليمن.
وبهذه المعرفة يعالج الباحث أسانيد كثيرة فيكشف عن علتها فإذا كان الحديث كوفيا احتمل التدليس أو الرفض إن كان بصريا احتمل النصب وتأثير الإرجاء والاعتزال في إسناده فإذا روى المدنيون عن الكوفيين فإنها تختلف الاحتمالات عما
اسم الکتاب : شرح الموقظة للذهبي المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 96