responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 10
فطاعة الله تتمثل بطاعة كتاب الله تعالى والالتزام التام بِمُحْكَمِهِ واتباع أوامره، واجتناب نواهيه، والتسليم بمتشابهه، والاعتبار بإخباره، والفهم لسننه، وطاعة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تظهر باتباع أوامره وطاعته التامة في حياته، واتباع سُنَّتِهِ بعد وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ومنذ ظهور الإسلام والاحتجاج بِسُنَّةِ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائم كالاحتجاج بكتاب الله تعالى وفقًا لضوابط معروفة لأئمة المسلمين ومجتهديهم، والمسلمون، كل المسلمين، يعلمون من دين الله بالضرورة العقلية والبداهة الفطرية حُجِيَّةَ السُنَّةِ من أقوال وأفعال وتقريرات رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، في كل ما تعلق بالتبليغ والتشريع والبيان، ولا يسع مؤمنًا بالله ورسله أن يقول بخلاف ذلك، وكيف يسع مسلمًا أن يقول غير ذلك وَالسُنَّةُ دائرة مع القرآن حيث دار تُبَيِّنُ مُجْمَلَهُ وَتُفَصّلُ مُبَيَّنَهُ، وَتُوَضِّحُ آياته، وتفسر بياناته، وتطبق شرائعه، وقد تخصص ما يبدو أنه مفيد للعموم، وَتُقَيِّدُ ما يبدو أنه مفيد للإطلاق.

ولذلك كانت حُجِيَّةُ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ضرورة دينية لم ينازع فيها أحد من المسلمين من سلف هذه الأمة. ثم نبتت نابتة كليلة الفهم، قليلة العلم لم تفرق بين السُنَّةِ - من حيث كونها سُنَّةً ثابتة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثبوتًا قَاطِعًا أَوْ ظَاهِرًا، وبين طرق سُنَنِ الماضيين وأخبار الغابرين، ومدى إمكان الاحتجاج بالخبر المنقول عن الأولين، وما مستوى الاحتجاج به؟ وما مرتبته بين وسائل الإدراك الإنساني؟ وهل يقوى على معارضة المحسوس أو المعقول إذا جاء على مناقضته أَوَّلاً؟، وقد توهمت تلك النابتة أن النقاش في هذه القضية المنهجية الفلسفية إنما هو جدال في حُجِيَّةِ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ذاتها، فسحبت كل ذلك الجدل المنهجي الفلسفي إلى دائرة (السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ) باعتبار أن السنن أحاديث، وأن الأحاديث إخبار، وأن جل ذلك الجدل إنما هو في الإخبار، ولم تلتفت إلى الفروق الكبيرة الهائلة بين السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ذاتها من حيث كونها سُنَنًا، وبين طرائق نقلها والإخبار بها من ناحية، كما لم تلتفت إلى الفروق بين مناهج الإخبار عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومناهج الإخبار عن سواه، فكانت نتيجة ذلك الخلط أن ثار على ذلك الجدل العجيب حول حُجِيَّةِ السُنَّةِ ذاتها، واحتل مساحات واسعة في الدراسات الأصولية والحديثية كان يمكن أن تخصص لمجالات مناهج فهم السُنَّةِ وطرائق فهمها، وبيان مناهج استفادة الدروس والعبر منها، ونحو ذلك من دراسات تُيَسِّرُ للمسلمين في كل مكان وزمان كيفية بناء أفكارهم وتصوراتهم وثقافتهم ومناهج حياتهم ومجتمعاتهم وفقًا لتوجيهات السُنَّةِ والدروس المستفادة منها.

اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست