responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 108
ونقل ابن حجر عن شيخه الحافظ العراقي في شرح الترمذي قال: «مَا مَسَّ الأَرْضَ مِنْهَا (أي من الثياب) خُيَلاَءَ لاَ شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ. قَالَ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِ مَا زَادَ عَلَى المُعْتَادِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. وَلَكِنْ حَدَثَ لِلنَّاسِ اصْطِلاَحٌ بِتَطْوِيلِهَا وَصَارَ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ النَّاسِ شِعَارٌ يُعْرَفُونَ بِهِ وَمَهْمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الخُيَلاَءِ فَلاَ شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَمَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ العَادَةِ فَلاَ تَحْرِيمَ فِيهِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى جَرِّ الذَّيْلِ المَمْنُوعِ.
وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنِ العُلَمَاءِ كَرَاهَةَ كُلِّ مَا زَادَ عَلَى العَادَةِ وَعَلَى المُعْتَادِ فِي اللِّبَاسِ مِنَ الطُّولِ وَالسَّعَةِ» [39].

ومن هنا كان للعادة حكمها وللاصطلاح تأثيره كما قال الحافظ العراقي. والخروج على العادة أحيانًا يجعل صاحبه مظنة الشهرة , وثياب الشهرة مذمومة في الشرع أيضًا. فالخير في الوسط.

على أن من قصد بتقصيره ثوبه اتباع السنة , والبعد عن مظنة الخيلاء , والخروج من خلاف العلماء , والأخذ بالأحوط , فهو مأجور على ذلك , إن شاء الله , وعلى ألا يلزم بذلك كل الناس , ولا يبالغ في النكير على ترك ذلك , ممن اقتنع بقول من ذكرنا من الأئمة والشراح المحققين. ولكل مجتهد نصيب ولكل امريء ما نوى.

إن الاكتفاء بظاهر حديث واحد , دون النظر في سائر الأحاديث وسائر النصوص المتعلقة بموضوعه , كثيرًا ما يوقع في الخطأ , ويبعد عن جادة الصواب , وعن المقصود الذي سيق له الحديث.

انظر إلى حديث البخاري الذي في كتاب المزارعة من " صحيحه " عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ حين نظر إلى آلة حرث (محراث) فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ» [40].

إن ظاهر هذا الحديث يفيد كراهية الرسول للحرث والزراعة , التي تفضي إلى ذُلِّ العاملين فيها , وقد حاول بعض المستشرقين استغلال هذا الحديث لتشويه موقف

(39) " الفتح ": جـ 10/ 262.
[40] رواه " البخاري " في كتاب المزارعة.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست