responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 382
مُحَقِّقُو الحَنَابِلَةِ فِي صَفِّ الغَزَالِي:
وقد وجدت الحنابلة مختلفين في هذه القضية، نَظَرًا لاختلاف ما روي عن الإمام أحمد بشأنها، وتبين لي أن معظم الأصوليين المُحَقِّقِينَ في المذهب يميلون إلى أن حديث الأحاد ـ أو خبر الواحد ـ لا يفيد اليقين، وبتعبير آخر: لا يقتضي العلم. ذكر ذلك القاضى أبويعلى في " العُدَّةِ " وأبو الخطاب في " التمهيد " وابن قدامة في " الروضة " وآل تيمية في " المسوّدة ".

يقول العلامة أبوالخطاب:
«خَبَرُ الوَاحِدِ لاَ يَقْتَضِي العِلْمَ، قَالَ (الإِمَامُ أَحْمَدُ) فِي رِوَايَةِ الأَثْرَمِ: " إِذَا جَاءَ الحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فِيهِ حُكْمٌ، أَوْ فَرْضٌ عَمِلْتُ بِهِ، وَدِنْتُ اللهَ تَعَالَى بِهِ، وَلاَ أَشْهَدُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ. فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَقْطَعُ بِهِ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ» [3].

وروى عنه حنبل: أنه قال في أحاديث الرؤية: «نَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ نَقْطَعُ عَلَى العِلْمِ بِهَا [4] وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَصْحَابِ الحَدِيثِ [5] وَأَهْلِ الظَّاهِرِ» [6].

وجه الأول: أن خبر الواحد لو اقتضى العلم لاقتضاه كل خبر واحد، سواء كان الراوي ثقة أو غير ثقة، ألا ترى أن خبر التواتر أوجب العلم، لا فرق بين أن يرويه عُدُولٌ أَوْ فُسَّاقٌ، وَلَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ العِلْمُ بخبر كل من يشهد على إنسان بمال أو كل مَنْ يَدَّعِى النُّبُوَّةَ، ولم يقل هذا أحد، ولأنه لو أوجب خبر الواحد العلم لجاز أن يعارض التواتر، وينسخ به القرآن، ولا يجوز ذلك، ولأن الواحد منا يسمع خبر الواحد، فلا يوجب له العلم، حتى إن منها ما لا يوجب سماعه غلبه الظن، ولأنه يجوز عليه الكذب والسهو والغلط، فلا يجوز أن يقع به العلم، وعكسه التواتر.

احتج الأَوَّلُونَ: بقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، وقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، ثم أمرنا بالعمل بخبر الواحد، فثبت أن ذلك يوجب لنا العلم.

[3] انظر هذه المسألة في " المعتمد " لأبي الحسين البصري: 2/ 556، " العدة " لأبي يعلى: 3/ 898، و " البرهان " لإمام الحرمين: 1/ 599، و " الإحكام " للآمدي: 2/ 32، و " الروضة " لابن قدامة: ص 99، و " فواتح الرحموت ": 2/ 121، و " المسودة ": ص 24، و " الإحكام " لابن حزم: 1/ 107.
[4] قال محقق " التمهيد ": وقيل: هما روايتان عن الإمام، والراجح أن الثانية محمولة على الأخبار التي كثرت وتلقتها الأُمَّةُ بالقبول حتى أصبحت من المتواتر المعنوي، أو الأخبار التي نقلها الأئمة المتفق على عدالتهم وثقتهم من طرق متساوية، وتلقتها الأُمَّةُ بالقبول، وقال أبو يعلى بعدما نقل الرأي الثاني: هذا عندي: محمول على وجه صحيح من كلام الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ -، وأنه يوجب العلم من طريق الاستدلال، لا من جهة الضرورة. انظر " الروضة ": ص 99، و " العدة ": 3/ 898 وما بعدها.
[5] انظر نسبة ذلك في " الروضة ": ص 99، و " المسودة ": ص 240.
[6] انظر رأيهم في " الإحكام في أصول الأحكام ": 1/ 107.
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست