responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 383
الجواب: أن التعبد بخبر الواحد لا يقتضي القول على الله سبحانه بما لا نعلم، لأنه قد قام عندنا الدليل القاطع على وجوب العمل بخبر الواحد، وإذا عملنا به، وقلنا قد تعبدنا بذلك، فقد قلنا على الله ما نعلم، وقفينا ما لنا به علم، ولأن العمل لا يقف على العلم، وإنما يجب بغلبة الظن، كما يجب على الحاكم أن يحكم بالشاهدين، والعامي أن يعمل بقول المفتي، وكما يعمل بالقياس [7].

وفي " المسوّدة " نقرأ هذه المسألة: خبر الواحد يوجب العمل، وغلبة الظن دون القطع، في قول الجمهور، وارتضى الجوينى من العبارة أن يقال: لا يفيد (العلم) ولكن يجب العمل عنده، لا به، بل بالأدلة القطعية على وجوب العمل بمقتضاه، ثم قال: هذه مناقشة في اللفظ، ونقل عن أحمد ما يدل على أنه قد يفيد القطع إذا صح. واختاره جماعة من أصحابنا.
قال والد شيخنا: ونصره القاضى في " الكفاية "، وقال شيخنا (شيخ الإسلام ابن تيمية) وهو الذى ذكره ابن أبي موسى في " الإرشاد "، وتأول القاضى كلامه على أن القطع قد يحصل استدلالاً بأمور انضمت إليه: من تلقى الأمة له بالقبول، أو دعوى المخبر عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سمعه منه في حضرته فيسكت ولا ينكر عليه، أو دعواه على جماعة حاضرين السماع معه فلا ينكرون، ونحو ذلك، وحصر ذلك بأقسام أربعة هو وأبو الطيب جميعًا، ومن أطلق القول بأنه يفيد العلم فَسَّرَهُ بعضهم بأنه العلم المقطوع به، وسلم القاضى العلم الظاهر.
وقال النظام إبراهيم: خبر الواحد يجوز أن يفيد العلم الضروري إذا قارنته أمارة.

وكذلك قال بعض أهل الحديث: منه ما يوجب العلم كرواية مالك عن نافع عن ابن عمر، وما أشبهه.

وأثبت أبوإسحاق الإسفرائينى فيما ذكره الجوينى قِسْمًا بين المتواتر والآحاد سماه " المستفيض " وزعم أنه يفيد العلم نَظَرًا، والمتواتر يفيد العلم ضرورة، وأنكر عليه الجويني ذلك. وحكى عن الأستاذ أبي بكر: أن الخبر الذي تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بالقبول محكوم بصدقه، وأنه في بعض مصنفاته [8].

[7] خلاصة هذا الجواب: أنه يُرَادُ بالعلم في الآية ما يعم غلبة الظن، بدليل انعقاد الإجماع على وجوب العمل بالأدلة التى تفيد غلبة الظن في الفروع، كخبر الواحد والقياس، وقد جعل بعض الأُصُولِيِّينَ كالآمدى الآية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] في الأصول دون الفروع، لقيام الإجماع على وجوب العمل بغلبة الظن فيها. انظر " الإحكام " للآمدي: 2/ 35، وانظر " التمهيد ": جـ 3/ 78 ـ 80.
(8) " المسودة ": ص 240.
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست