قال الحليمي [1] -رحمه الله-: " وقد أخبر الله -عز وجل- على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه مفني ما على وجه الأرض ومبدل الأرض غير الأرض، وأن الشمس تكور، وأن البحار تسجر، والكواكب تنثر فيذرها قائمة صفصفاً لا ترى فيها عوجا ولا أمتاً، وكل ذلك كائن على ما جاء به الخبر، وعد الله صدق وقوله حق. وأما ما وراء ذلك مما لم يخبر الله -عز وجل- عنه بشيء، فأمره إليه وهو أعلم بما هو فاعله.
ولا ينبغي لنا أن نتكلم فيه بشيء لأن القول على كل حال بغير علم حرام، فالاجتراء به على الله جل ثناؤه أشد وأولى بالحرمة، أعني بهذا إن سائل سأل: أن السماء إذا طويت والشمس إذا كورت أو الكواكب إذا انتثرت، أو عن الأرض بعد ركوب الناس الصراط وفراغها منهم، ماذا يكون من أمرها بعد ذلك؟ لم يكن له جواب يمكن القطع به، والأولى بالمسؤول أن يقول: كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للذي سأله عن الساعة: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» [2].
فإن مثل هذا لا يدرك إلا بخبر ولم يأتنا في هذه الأبواب عن الله جل ثناؤه خبر إلا أن في الجملة يخبرنا بانتقاض الأجسام، فإن أراد الله تعالى أفناها وحبس البقاء عنها، وفعل ذلك بها، وإن أراد غير ذلك فله الخلق والأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو على كل شيء قدير" [3].
وقد ذكر د. زغلول النجار -حفظه الله-: "من ضوابط التعامل مع قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما يلي: [1] هو أبو عبدالله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي، كان رئيس المحدثين والمتكلمين في بلاد ما وراء النهر، من مؤلفاته: المنهاج في شعب الإيمان، توفي سنة 403.
انظر: سير أعلام النبلاء: 17/ 231، وشذرات الذهب: 3/ 167. [2] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله: 1/ 36 برقم (18). [3] المنهاج في شعب الإيمان: 1/ 336 - 337.