"فهذه أمثال ضربها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لبيان تفاوت الناس في هذه الأمور، وأن من كان عنده القرآن فإنه جمع بين خصلتين محمودتين: إيمان وقراءة القرآن، وشبهه بالأترجة التي طعمها حلو، وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة التي طعمها طيب ولكن لا ريح لها، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب، ولكن طعمها مر، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها" [1].
كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبه المسلم بالنخلة في "كثرة خيرها، ودوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجوده على الدوام، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس، وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة، ومن خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأوانى وغير ذلك، ثم آخر شيء منها نواها وينتفع به علفا للابل، ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها، فهي منافع كلها، وخير وجمال، كما أن المؤمن خير كله، من كثرة طاعاته، ومكارم أخلاقه، ويواظب على صلاته وصيامه وقراءته وذكره، والصدقة والصلة وسائر الطاعات وغير ذلك" [2].
وعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي.
قال عبدالله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله، قال: فقال هي النخلة، قال: فذكرت ذلك لعمر، قال: لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا» [3].
الحادي عشر: مسائل الأسماء والأحكام: [1] شرح سنن أبي داود للشيخ عبدالمحسن العباد، مطبوع على الحاسب الآلي: 1/ 2. [2] شرح النووي على مسلم 17/ 154. [3] صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب مثل المؤمن كالنخلة: 4/ 2164، برقم (2811).