الدلائل العقدية للآيات الكونية - البحار والأنهار-:
تعددت الآيات الكريمة التي يذكر الله فيها تسخير البحر، وأن ذلك دليل على قدرته سبحانه وتعالى ورحمته بعباده، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [1]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [2]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [3].
قال ابن القيم -رحمه الله- مبيناً شأن هذه الآية الكونية: " فصل ومن آياته وعجائب مصنوعاته البحار المكتنفة لأقطار الأرض التي هي خلجان من البحر المحيط الأعظم بجميع الارض، حتى أن المكشوف من الارض والجبال والمدن بالنسبة الى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم، وبقية الأرض مغمورة بالماء، ولولا إمساك الرب تبارك وتعالى له بقدرته ومشيئته وحبسه الماء لطفح على الأرض وعلاها كلها، هذا طبع الماء، ولهذا حار عقلاء الطبيعيين في سبب بروز هذا الجزء من الأرض مع اقتضاء طبيعة الماء للعلو عليه وأن يغمره، ولم يجدوا ما يحيلون عليه ذلك إلا الاعتراف بالعناية الأزلية والحكمة الإلهية التي اقتضت ذلك ليعيش الحيوان الأرضي في الأرض، وهذا حق، ولكنه يوجب الاعتراف بقدرة الله وإرادته ومشيئته وعلمه وحكمته وصفات كماله، ولا محيص عنه" ...
ثم ذكر جملة من عجائب البرح، وقال: "وإذا تأملت عجائب البحر وما فيه من [1] الجاثية: 12. [2] النحل: 14. [3] الحج: 65.