الحيوانات على اختلاف اجناسها وأشكالها ومقاديرها ومنافعها ومضارها وألوانها" ....
ثم قال: "فما أعظمها من آية، وأبينها من دلالة، ولهذا يكرر سبحانه ذكرها في كتابه كثيراً، وبالجملة فعجائب البحر وآياته أعظم وأكثر من أن يحصيها إلا الله سبحانه، قال الله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} ([1]) " [2].
أولاً: توحيد الربوبية:
لما بين الله تعالى جهل المعرضين عن أدلة التوحيد ومناقشتهم وفساد تفكيرهم في ذلك، ذكر أدلة دالة على وجوده وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة من الآيات الكونية التي يدركها ويشاهدها عيانا كل مخلوق، ومنها: البحار المالحة والعذبة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} [3] فالله وحده هو "الذي جعل البحرين المتضادين متجاورين متلاصقين لا يمتزجان، هذا ماء زلال عذب شديد العذوبة، وهذا مالح شديد الملوحة، ولكن لا يختلط أحدهما بالآخر، قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [4]، وقال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ([5]) " [6].
وفي سورة النمل لما ذكر الله تعالى قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم، ثم رد على [1] الحاقة: 12 - 13. [2] مفتاح دار السعادة: 1/ 204 - 205. [3] الفرقان: 53. [4] الرحمن: 19 - 21. [5] النمل: 61. [6] التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، لوهبة بن مصطفى الزحيلي، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط2: 19/ 84، وانظر: التحرير والتنوير: 19/ 53.