فأشركتموه في عبادتكم إياه؟
وقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره: بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة الله، وما عليهم من الضر في إشراكهم في عبادة الله غيره، وما لهم من النفع في إفرادهم الله بالألوهة، وإخلاصهم له العبادة، وبراءتهم من كل معبود سواه"} [1].
خامساً: الإيمان باليوم الآخر:
استدل الله -عز وجل- على البعث وإعادة الأجساد بقدرته على خلق السماوات والأرض، فقال تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [2].
فلو تدبروا هذه الحجة وتأملوها لبأن لهم وظهر أن الذي خلق السماوات والأرض قادر على البعث وإعادة الأجساد، وأن من أنكر ذلك فإنه مستكبر معناد للحق [3]، قال ابن كثير -رحمه الله-: " أي إن في النظر إلى خلق السماء والأرض لدلالة لكل عبد فطن لبيب رجّاع إلى الله، على قدرة الله على بعث الأجساد ووقوع المعاد؛ لأن من قدر على خلق هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها، وهذه الأرضين في انخفاضها وأطوالها وأعراضها، إنه لقادر على إعادة الأجسام ونشر الرميم من العظام" [4]. [1] تفسير الطبري: 19/ 484. [2] سبأ: 9. [3] انظر: تفسير ابن كثير: 7/ 152، وتفسير ابن سعدي: 750. [4] تفسير ابن كثير: 6/ 496.