فيها أرزاقهم وأقواتهم ومعايشهم، وجعل فيها السبل لينتقلوا فيها في حوائجهم وتصرفاتهم، وأرساها بالجبال فجعلها أوتادا تحفظها لئلا تميد بهم" ...
ثم قال -رحمه الله-: " ولولا أن هذا من أعظم آياته لما نبه عليه عباده وهداهم إلى التفكير فيه" [1].
ولما كان القرآن كثيراً ما يقرن بين السماوات والأرض كان الاستدلال بالأرض على المسائل العقدية- في مواضع كثيرة - هو نفس الاستدلال بالسماوات، وسأشير إلى ذلك - إن شاء الله تعالى-.
ثبات الأرض:
أخبر الله -عز وجل- أنه خلق الأرض ومدها وأرساها بجبال راسيات شامخات ترسو بها، أي تثبت [2]، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [3].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} ([4])،"ولو كانت تجري وتدور على الشمس ... لكانت تزول من مكان إلى مكان وهذا خلاف نص الآية الكريمة" [5].
وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ [1] مفتاح دار السعادة: 1/ 308 - 309 باختصار، وانظر: التحرير والتنوير: 27/ 19، 30/ 303. [2] انظر: تفسير القرطبي: 9/ 280، 10/ 13، 90، وتفسير البغوي: 2/ 509، وتفسير ابن كثير: 4/ 431، 563، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: 2/ 360. [3] الرعد: 3. [4] فاطر: 41. [5] الصواعق الشديدة: 23.