آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [1]، وقد سبق نقل كلام ابن القيم -رحمه الله- على هذه الآية [2]، وأن الأمور المذكورة فيها" مرتبة بالأبصار، مشاهدة بالحس فإذا نظر فيها ببصر قلبه - وهو عقله - استدل بها على وجود الرب تعالى وقدرته وعلمه ورحمته وحكمته، وإمكان ما أخبر به من حياة الخلائق بعد موتهم كما أحيا هذه الأرض بعد موتها، وهذه أمور لا تدرك إلا ببصر القلب - وهو العقل - فإن الحس دل على الآية، والعقل دل على ما جعلت له آية، فذكر سبحانه الآية المشهودة بالبصر، والمدلول عليه المشهود بالعقل" [3].
ثانياً: توحيد الربوبية:
قد بين الله -عز وجل- عظيم قدرته في مخلوقاته وأنه الخالق لها المتصرف فيها، ومن ذلك ما ذكره الله -عز وجل- عن المطر والبرد في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [4]، فمن أدلة عظمته - سبحانه وتعالى- وربوبيته أنه يسوق السحاب قطعا متفرقة، ثم يؤلف بين تلك القطع، فيجعله سحابا متراكما مثل الجبال، فينزل منه المطر وينتفع به الناس، وتارة ينزل الله من ذلك السحاب بردا يتلف ما يصيبه بحسب ما اقتضاه حكمه القدري، وحكمته التي يحمد عليها، فالذي أنشأها وساقها لعباده المفتقرين، وأنزلها على وجه يحصل به النفع وينتفي به [1] الروم: 24. [2] ص: 331. [3] مفتاح دار السعادة: 1/ 289. [4] النور: 42 - 44.