" لأن في ذلك من آيات الله العظيمة، ما أوجب أن أقسم به" [1]، وغاية هذا الإقسام من الله" التنبيه على كمال ربوبيته وعزته وحكمته وقدرته وتدبيره، وتنوع مخلوقاته الدالة عليه المرشدة إليه، بما تضمنته من عجائب الصنعة، وبديع الخلقة، وتشهد لفاطرها وبارئها بأنه الواحد الأحد الذي لا شريك له، وأنه الكامل في علمه وقدرته ومشيئته وحكمته وربوبيته وملكه، وأنها مسخرة مذللة منقادة لأمره، مطيعة لمراده منها" [2].
رابعاً: الإيمان بالكتب:
قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [3].
لما قال الكفار ما قالوا عن القرآن من أنه سحر وشعر وكهانة [4] أقسم الله تعالى بالنجوم ومواقعها أي مساقطها في مغاربها، وعظم هذا المقسم به" لأن في النجوم وجريانها، وسقوطها عند مغاربها، آيات وعبرا لا يمكن حصرها" [5].
أقسم بذلك على"إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شك يعتريه، وأنه كريم" [6]، في كتاب معظم محفوظ موقر.
وسبق بيان إقسام الله تعالى بالنجم عند هويه [7]، ومن جملة المقسم عليه " صحة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الإلهي، لأن في ذلك مناسبة عجيبة، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء، لكان [1] تفسير السعدي: 818. [2] مفتاح دار السعادة: 2/ 264. [3] الواقعة: 75 - 78. [4] انظر: تفسير البغوي: 4/ 314، وتفسير ابن كثير: 7/ 543. [5] تفسير السعدي: 836. [6] الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: 4/ 50. [7] ص: 313.