ومن المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية تحريف معنى تسبيح السماوات، وحمله" على معنى الانقياد والتسخير الذى يصدر عن طواعية على سبيل الاستعارة بالكناية" [1]، أو أن تسبيحها هو"ما يظهر فيه من لطيف صنعة الله وبديع قدرته الذي يعجز الخلق عن مثله فيوجب ذلك على من رآه تسبيح الله وتقديسه" [2].
وقد سبق الكلام على هذه المسألة في مبحث عبودية الكائنات [3]، وأن السماء تسبح تسبيحاً حقيقياً، الله أعلم بكيفيته، وأن هذا التسبيح زائد على ما فيها من الدلالة [4]، قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [5].
تاسعاً: تحريف معنى بكاء السماء:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية تحريف معنى بكاء السماء، وأن المراد بذلك أنه" عمت مصيبته الأشياء حتى بكته السماء والأرض والريح والبرق، وبكته الليالي الشاتيات ... وذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه" ...
أو أن"في الكلام إضمار، أي ما بكى عليهم أهل السماء والأرض من الملائكة".
وفي كيفية بكاء السماء ثلاثة أوجه: أحدها أنه كالمعروف من بكاء الحيوان.
وقيل: بكاؤهما حمرة أطرافها.
وقيل: بكاؤها أمارة تظهر منها تدل على أسف وحزن [6]. [1] من بلاغة القرآن في التعبير بالغدو والآصال والعشي والإبكار، إعداد: الدكتور محمد محمد عبد العليم دسوقي: 47، 71. [2] النكت والعيون: 3/ 245. [3] انظر: 65. [4] مجموع الفتاوى: 12/ 406. [5] الإسراء: 44. [6] انظر هذه الأقوال في: تفسير القرطبي: 16/ 139 - 141، وتفسير ابن كثير: 7/ 253 - 254.