المطلب الأول: الدراسات العلمية حول الآيات الكونية المستقبلية
إن من عقيدة أهل الإسلام التي يجب على كل مسلم أن يعتقدها أنه لا يعلم الغيب إلا الله، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [1]، وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [2] , فالغيب لله تعالى وحده؛ ولكن من فضل الله تبارك وتعالى أنه يطلع بعض رسله على شيء منه، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [3].
إلا أن هناك أمورا اختص الله تبارك وتعالى بعلمها فهي من الغيب المطلق [4] الذي لا يطلع الله تبارك وتعالى عليها أحد، ومن ذلك: علم الساعة، متى تقوم؟ فهذه علمها عند الله لا يجليها لوقتها إلا هو، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [5].
ومعرفة الغيب المستقبل لا بد أن يكون الانشغال به ومعرفته عن طريق المصدر الحق؛ فإن مصادر معرفة المستقبل تنقسم إلى ثلاثة أنواع ([6]): [1] النمل: 65. [2] الأنعام: 59. [3] الجن: 26 - 27. [4] انظر: مجموع الفتاوى: 16/ 110، 24/ 257، 258. [5] الأعراف: 187. [6] انظر: من معالم المنهجية الإسلامية للدراسات المستقبلية لهاني بن عبد الله الجبير، مجلة البيان، الرياض، 1429: 113.