المطلب الرابع: الآيات الكونية وأركان الإسلام
أولاً: الآيات الكونية والشهادتان:
يزخر القرآن الكريم بالعديد من الآيات الكونية، وصور من نشأتها ومراحل تكونها، والسنن الإلهية التي تحكمها، وما يستتبعه كل ذلك من استخلاص للعبرة وتفهم للحكمة، وما يستوجبه من إيمان بالله، وشهادة بكمال صفاته وأفعاله، وهو -سبحانه وتعالى- الخالق البارئ المصور الذي أبدع الخلق بعلم وقدرة وحكمة. وهي مع ذلك دليل على صدق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن سعدي -رحمه الله- بعد أن ذكر تقرير الله -عز وجل- لربوبيته وإلهيته، وذكر الأدلة العقلية الأفقية الدالة على ذلك وعلى كماله، في أسمائه وصفاته، من الشمس والقمر، والسماوات والأرض وجميع ما خلق فيهما من سائر أصناف المخلوقات، وأخبر أنها آيات: "وحاصل ذلك أن مجرد خلق هذه المخلوقات بهذه الصفة، دال على كمال قدرة الله تعالى وعلمه وحياته وقيوميته. وما فيها من الإحكام والإتقان والإبداع والحسن دال على كمال حكمة الله وحسن خلقه وسعة علمه. وما فيها من أنواع المنافع والمصالح يدل ذلك على رحمة الله تعالى واعتنائه بعباده وسعة بره وإحسانه. وما فيها من التخصيصات دال على مشيئة الله وإرادته النافذة.
وذلك دال على أنه وحده المعبود والمحبوب المحمود، ذو الجلال والإكرام والأوصاف العظام" [1].
أما المكتشفات العلمية فهي دالة على الربوبية من جهة التفاصيل الدقيقة المؤكدة على افتقار الكون إلى خالق مدبر، دون أن تكون معرفة هذه التفاصيل شرطاً في كمال اليقين، كما تعتبر هذه المكتشفات دالة على النبوة من جهة عدم تكذيبها لشيء مما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- [2]. [1] تفسير ابن سعدي: 2/ 551، 699، وانظر: الفوائد: 32 - 33. [2] منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة والربوبية، لسعود بن عبد العزيز العريفي، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، ج (19)، العدد (43)، ذو الحجة 1428: 287.