الطرق وأصحها، وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله، ودلالة ذلك على تأييد الله لأنبيائه: " وهذه الطريق من أقوى الطرق وأصحها، وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله، وارتباط أدلة هذه الطريق بمدلولاتها أقوى من ارتباط الأدلة العقلية الصريحة بمدلولاتها، فإنها جمعت بين دلالة الحس والعقل، ودلالتها ضرورية بنفسها، ولهذا يسميها الله سبحانه آيات بينات، وليس في طرق الأدلة أوثق ولا أقوى منها، فإن انقلاب عصا تقلها اليد ثعبانا عظيما يبتلع ما يمر به ثم يعود عصا كما كانت من أدل الدليل على وجود الصانع وحياته وقدرته وإرادته وعلمه بالكليات والجزئيات، وعلى رسالة الرسول وعلى المبدأ والمعاد، فكل قواعد الدين في هذه العصا" ...
ثم ذكر بعض الأمثلة، ثم قال: " وأمثال ذلك مما هو من أعظم الأدلة على الصانع وصفاته وأفعاله وصدق رسله واليوم الآخر" [1].
وقال ابن سعدي -رحمه الله- في بيان كيف يقرر القرآن نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنه يكون أحيانا عن طريق الآيات الكونية: " وتارة يقرر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات، وما أجرى له من الخوارق والكرامات، الدالِّ كل واحد منها بمفرده - فكيف إذا اجتمعت - على أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ـ الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى" [2].
وقال أيضا في بيان آيات الرسل والفرق بينها وبين طلبات واقتراحات المكذبين، وكيف يكون تأييد الله لرسله: " القاعدة الخمسون: آيات الرسول: هي التي يبديها الباري ويبتديها، وأما ما أبداه المكذبون له واقترحوه، فليست آيات، وإنما هي تعنتات وتعجيزات.
وبهذا يعرف الفرق بينها وبين الآيات: وهي البراهين والأدلة على صدق الرسول وغيره من الرسل، وعلى صدق كل خبر أخبر الله به، وأنها الأدلة والبراهين التي يلزم من فهمها على وجهها صدق ما دلت عليه ويقينه" [3].
وقد ذكر الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- في فوائد آيات الأنبياء ومعجزاتهم: "أنها دليل على قدرة الله، وأنها دليل على صحة ما جاءت به الرسل، وأنه لا يمكن للمرء إلا أن يصدق [1] مختصر الصواعق المرسلة: 2/ 487 - 490 باختصار. [2] القواعد الحسان: 29، 42. [3] المصدر السابق: 106.