اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 540
وقالَ ابنُ تيميَّةَ (ت:728): «لم يثبتْ أنَّ لفظَ استوى في اللُّغةِ بمعنى: استولى، إذِ الذينَ قالوا ذلكَ عمدتُهم البيتُ المشهورُ:
ثُمَّ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَلاَ دَمٍ مِهْرَاقِ
ولم يثبتْ نقلٌ صحيحٌ أنَّه شعرٌ عربيٌّ، وكانَ غيرُ واحدٍ من أئمةِ اللُّغةِ أنكروه، وقالوا: إنَّه بيتٌ مصنوعٌ، لا يُعْرَفُ في اللُّغةِ، وقدْ عُلِمَ أنَّه لو احتجَّ بحديثِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لاحتاجَ إلى صِحَّتِهِ، فكيفَ ببيتٍ منَ الشِّعرِ لا يُعْرَفُ إسنادُهُ؟! وقدْ طعنَ فيه أئمةُ اللُّغةِ، وذُكِرَ عنِ الخَلِيلِ [1]، كما ذكرَهُ أبو المظَفَّرِ [2] في كتابِه: الإفصاحِ، قالَ: سُئِلَ الخليلُ: هلْ وجدتَ في اللُّغةِ استوى بمعنى: استولى؟ فقالَ: هذا ما لا تعرفُهُ العربُ، ولا هو جائزٌ في لغتِها. وهو إمامٌ في اللُّغةِ على ما عُرِفَ من حالِه، فحينئذٍ: حملُه على ما لا يُعْرَفُ حَمْلٌ باطلٌ» [3].
وقالَ ابنُ القَيِّمِ (ت:751): «هذا البيتُ مُحَرَّفٌ، وإنما هو هكذا:
بِشْرٌ قَدِ اسْتَوَلى عَلَى العِرَاقِ ... ........
هكذا لو كانَ البيت معروفاً منْ قائلٍ معروفٍ، فكيفَ وهو غيرُ معروفٍ في شيءٍ منْ دواوينِ العربِ وأشعارِها التي يُرجَع إليها» [4].
2 - وفي قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 74] = ذُكِرَ [1] هو الخليلُ بن أحمد. [2] يحيى بن هبيرة، أبو المظفر، الوزير، الحنبلي، كان زاهداً ورعاً متمسكاً بالسنة، شرح صحيح البخاري ومسلم، وسمى كتابه: الإفصاح عن معاني الصحاح، توفي سنة (560)، شذرات الذهب (4:191 - 197)، آثار الحنابلة في القرآن (ص:86). [3] فتاوى شيخ الإسلام (5:146). [4] مختصر الصواعق المرسلة (ص:326).
اسم الکتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 540