كما تجده في باب الصيام في معرض ذكره للقضاء والإطعام لكل من الحامل والمرضع والخلاف فيه، ذكر الراجح لديه في كل منهما [1].
3 - وما يتعلق بالجمع بين الآثار التي ظاهرها التعارض فإنك تجده بعد ذكره لأقوال الذين ذهبوا إلى تحريم نكاح المرأة الفاجرة وذكره لأقوال الذين ذهبوا إلى إباحة نكاحها يوفق بين التعارض بحمل قول من قال بالإباحة أنه مخصوص بالتوبة، فإن بدر منها توبة بعد فجورها حل نكاحها [2].
4 - وفي مجال الرد على المخالفين في مسائل النزاع تلمس فيه قوة الرد وشدة المقارعة للخصوم بالحجة والبيان وكمثال على ذلك: قوله في باب شهادة أهل الكتاب بعد ذكره للخلاف في تأويل آية الوصية في السفر ومن المعنى بقوله: اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ. يقول: وأما تأول الحسن: من قبيلتكم أو من قبيلة غيركم، فكيف يصير أهل المخاطبة بالآية من غيرهم وإنما خاطب الله بها أهل التوحيد كافة. فقال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ فلم يبق أحد منهم إلا قد خوطب بها، فكيف يجوز أن يقال: من غيركم؟ إلا من كان خارجا منها، وأما قول ابن شهاب: إنها في أهل الميراث يتهم بعضهم بعضا فأنى يكون هذا؟ وإنما سماها الله لنا شهادة ثم أعاد ذكرها في الآية وأبداه مرارا فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ وقال:
لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وقال: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها [3].
وهذا يتأولها في الادعاء من بعض الورثة على بعض فإنما هم مدّعون ومدّعى عليهم، فأين الشهادة من الدعوى؟ وكيف يقال للمدعي شاهد، فهذان نوعان من التأويل لا أعرف لهما وجها، وليس أحد من الناس إلا وقد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلّى الله عليه وسلم [4]. [1] انظر: باب الصيام ص 63 - 70. [2] انظر: باب النكاح ص 107. [3] سورة المائدة آية 106، 107، 108. [4] انظر: باب شهادة أهل الكتاب ص 163، 165.