كما يظفر بقدرة أبي عبيد على الجمع بين النصوص والآثار التي ظاهرها التعارض وقدرته على استنباط الأحكام من مواطنها في نصوص الكتاب.
وإليك شواهد من صلب الكتاب من خلالها تتضح المزايا التى تحلى بها أبو عبيد أثناء معالجته للقضايا والأحكام:
1 - اعتماده في صناعة أبواب الكتاب طريقة لم يتقدمه إليها أحد فيما أعلم ولم يحذ مسلكه ممن جاء بعده ممن صنف في الناسخ والمنسوخ. إذ قسّمه إلى ثلاثين بابا حسب الموضوعات أولها فضل علم الناسخ والمنسوخ وتأويل النسخ ثم أعقبه بذكر أبواب في: الصلاة، الزكاة، الصيام، النكاح، الطلاق، الحدود، الشهادات، شهادة أهل الكتاب، المناسك، الجهاد، الأسارى، المغانم، الاستئذان، المواريث، الوصية، اليتامى، الحكم بين أهل الذمة، الطعام، الشراب، السكر، قيام الليل، النجوى، التقوى، التوبة عند الموت، توبة القتل، مؤاخذة العباد بما تخفي النفوس، الإكراه في الدين، الاستغفار للمشركين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي كل باب من هذه أورد الآيات المدعى عليها النسخ مما له تعلق بالباب وناقشها.
وإنما اعتبرت تبويبه على درجة من الحسن والجودة لأن علم الناسخ والمنسوخ مجاله الأحكام واعتماد المسلك الفقهي في معالجة قضايا النسخ أدعى إلى حصر النصوص محكمها ومنسوخها في الباب الواحد فيحصل بذلك تيسير الانتفاع وتسهيل الطلب.
2 - ما يتصل بتأويله للآيات ومناقشته للخلاف والوصول إلى الراجح فإنك تجده مثلا في المقدمة استعرض معنى قوله تعالى: أَوْ نُنْسِها والقراءات فيها ثم ذكر المعنى الراجح لديه في تأويلها [1]. [1] انظر مقدمة أبى عبيد من ص: 7 إلى ص 12.