اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 183
ويكون التعامل مع هذا الاختلاف بأن يُعمل بالمرجحات، فيرجِّح المفسر المتأخر أحد الأقوال بناءً على القواعد العلمية المعتبرة عند أهل العلم.
وبهذا التفصيل يُعرف الفرق بين التنظير العام، وهو القول بأن تفسير السلف حجة، والتفصيل في المسألة على هذا النحو، فهناك فرق بين تقعيد القاعدة الكلية وبين التطبيقات.
ومما يُبنى على هذه القاعدة أن ما قالوه في معاني الآية ـ ولو اختلفوا ـ لا يمكن أن يخرج عنه التفسير الصحيح من وجه من الوجوه؛ أي: أن الصواب من معنى الآية فيما قالوه، ولا يمكن أن يكون هناك آية قد جهلوا ـ كلهم ـ معناها، أو فهموا ـ كلهم ـ معناها على وجه الخطأ، ثم تبين لمن بعدهم وجه الصواب فيها.
ومن تدبَّر هذا المعنى عرف سبب القول بهذه القاعدة: «تفسير السلف حجة».
ولهذا أقول: يجب أن نربي أنفسنا على احترام قول العلماء، وبخاصة سلف الأمة من أصحاب القرون المفضلة «الصحابة والتابعون وأتباعهم»، فهذا هو الأصل في العلم [1]، لكن لا يعني ذلك أن نجعل لها قدسية وأنها معصومة من الخطأ، فحين يتبين لك خطأ محض واضح بلا ريب في قول واحد منهم، فبينه بالأسلوب العلمي المؤدب الذي فيه [1] من العجيب أن ترى الواحد منا يدافع عن قول شيخه الذي تلقى عليه العلم، أو يمجد قول عالم متأخر قد يكون عليه أخطاء وملحوظات، ولا تراه يلقي بالاً لقول هؤلاء الكرام من سلف الأمة، ويبدو أن سبب ذلك عائد إلى التربية العلمية التي يتلقاها طالب العلم في بداية طلبه، وكلما كان تلقيه على من يرى قول السلف ويعتبره، كان أكثر احتراماً لقولهم واعتباراً به ممن تلقى العلم على من لم يعتبرهم، وحاله أن يقول: هم رجال ونحن رجال.
اسم الکتاب : شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي المؤلف : الطيار، مساعد الجزء : 1 صفحة : 183