فناسب خطابهم ب يا أَيُّهَا النَّاسُ كما أن محاورة أهل العناد تناسب حرف الردع كُلا، وكذلك التنويه بإعجاز القرآن لإفحام المنكرين، والاستفتاح بحروف الهجاء في أوائل السور، وقد وجد من ذلك قليل في القرآن المدني تبعا لاقتضاء الموضوعات المدنية التي كانت فترة بناء وكانت فترة مكة فترة تأسيس.
القرآن المكي من حيث الموضوع:
فمن سمات القرآن المكي الاعتناء بالموضوعات التالية الأساسية:
1 - تقرير أصول العقائد الإيمانية، بدعوة الخلق إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، والإيمان باليوم الآخر وما يتبع ذلك من الجزاء والجنة والنار، وتقرير رسالة
النبي صلى الله عليه وسلم والرسل من قبله، والإيمان بالملائكة عليهم السلام.
تأمل مثلا سورة القصص المكية ودعوتها لهذه الأصول، وانظر هذه الآيات التي تدعو إلى الإيمان بالله تعالى وتوحيده:
وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ. وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ. وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [1].
وتأمل هذه الآيات الخاتمة من سورة إبراهيم تعرض من مشاهد القيامة:
فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ. يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ. وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ. سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ. [1] سورة القصص، الآيات 69 - 73.