والثاني ما تنطبق عليه هذه الأوجه من لغات العرب. وهما يحققان ما وردت به الأحاديث من نزول القرآن على سبعة أحرف يقرأ بها.
أين الأحرف الستة:
ذلك ما تبين بالأدلة من حقيقة الأحرف السبعة، والقول الصحيح فيها الذي يجب أن لا يخرج عنه الباحث، فأين هي الأحرف السبعة، هل ما يقرأ به المسلمون من القراءات اليوم يشتمل على الأحرف السبعة ويحققها، أو أنه حرف واحد، وأين هي الستة الباقية إذن.
يرى المحققون في هذا الموضوع كالإمام الباقلاني وغيره أن الأحرف السبعة باقية وأن المصاحف العثمانية التي استنسخها عثمان بن عفان رضي الله عنه قد اشتملت على الأحرف السبعة جميعا.
وهذه عبارات الإمام المحقق أبي بكر الباقلاني تلقي الضوء ساطعا على القضية، قال رحمه الله ورضي عنه:
«لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أثبت مع تنزيل ولا منسوخ تلاوته كتب مع مثبت رسمه ومفروض قراءته وحفظه ... » [1].
« ... لأن القوم عندنا لم يختلفوا في هذه الحروف المشهورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم التي لم يمت حتى علم من دينه أنه أقرأ بها، وصوّب المختلفين فيها، وإنما اختلفوا في قراءات ووجوه أخر لم تثبت عن الرسول عليه السلام، ولم تقم بها حجة، وكانت تجيء مجيء الآحاد وما لا يعلم ثبوته وصحته وكان منهم من يقرأ التأويل مع التنزيل، نحو قوله: [1] انظر البرهان ج 1 ص 235 وشرح صحيح مسلم للنووي ج 6 ص 100.