responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 111
محاجة القرآن لليهود والنصارى معا:
هذا وإذا كانت الآيات السابقة قد ألزمت الحجة كلا من اليهود والنصارى على حدة وانفراد، فهناك آيات جمعتهما فى خطاب واحد، وألزمتهما الحجة والبرهان، نسوق منها ما يلى:
أولا: قال تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ [المائدة:
15].
حكى الله تعالى قبل ذلك عن اليهود والنصارى نقضهم العهد، وتركهم ما أمروا به، ثم دعاهم بعد ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ ... الآية، فهى دعوة صريحة خاصة لهم، وخطاب قوى موجه إليهم، وإيرادهم بعنوان أَهْلَ الْكِتابِ لانطواء الكلام المصدر به على ما يتعلق بالكتاب، وللمبالغة فى التشنيع عليهم، فإن أهلية الكتاب من موجبات مراعاته، والعمل بمقتضاه، وبيان ما فيه من الأحكام، وقد فعلوا من الكتم والتحريف ما فعلوا وهم يعلمون، فقد أخفت اليهود آية الرجم، كما أخفت النصارى بشارة الإنجيل بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وفى إعلامه صلى الله عليه وسلم يخفى ما فى كتبهم، وهو أمى لا يكتب ولا يصحب القرّاء، دليل على صحة نبوته، لو ألهمهم الله الخير، وقوله: وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، يعنى مما يكتمونه، فلا يتعرض له ولا يؤاخذهم به؛ لأنه لا حاجة إلى إظهاره، والفائدة فى ذلك أنهم يعلمون كون النبى صلى الله عليه وسلم عالما بما يخفون، وهو معجزة له أيضا، فيكون ذلك داعيا إلى الإيمان به.
وفى قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يعنى القرآن، فإنه الكاشف لظلمات الشك والضلال، والكتاب الواضح الإعجاز، فالنور والكتاب المبين متحدان بالذات، وعطف أحدهما على الآخر من قبيل عطف الصفة على الصفة، مع اتحاد الموصوف بهما، وهو القرآن. وقيل: يريد بالنور محمدا صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك فالعطف من قبيل عطف الذات على الذات، وأيا ما كان، فالمراد بهذه الجملة المستأنفة أن فائدة مجىء الرسول ليست منحصرة فيما ذكر من بيان ما كانوا يخفونه، بل إنه جاء لهم نورا يهتدون به فى معرفة الحق، ويسترشدون به إلى الغاية المنشودة.

اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست