responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 100
امرأة عمران، وكل هؤلاء من بنى إسرائيل، ولا يمكن أن يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بوحى إلهى، وهذا ولا شك دليل على بنى إسرائيل، وإلزام لهم بالحجة التى لا يستطيعون ردها، وبيان ذلك أن إخباره صلى الله عليه وسلم بهذه الأنباء، وهى معلومة عندهم وحاصلة لديهم على الوجه المطابق للواقع من دلائل صدقه فى دعوى النبوة، بناء على أن الإخبار بالشىء على الوجه المطابق للواقع يتوقف على العلم به، وطريق العلم منحصر فى:
1 - المشاهدة.
2 - الاستماع من أهل العلم وقراءة أسفارهم.
3 - الوحى.
وأن ما عدا الوحى من طريق العلم منتف عنه صلى الله عليه وسلم، فتعين أنه، عليه السلام، إنما أخبر بتلك الأنباء بالوحى، وأنه نبي حقا، ثم إنه تعالى لم ينف من طريق العلم فى الآية الكريمة، إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم يشاهد هذه الوقائع كما يصرح به قوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ ...
[آل عمران: 44] إلخ، وفى ظاهر الحال أنه لا حاجة إلى نفى المشاهدة لكون انتفائها معلوما قطعا؛ لأن مشاهدة الإنسان ما سبق على وجوده سبقا زمانيا مستحيلة، واستحالتها معلومة لكل أحد، بخلاف الاستماع من أهل العلم وأصحاب التواريخ، فإنه وإن كان منفيا فى نفس الأمر أيضا كانتفاء المشاهدة، إلا أنه متوهم وليس استحالته كاستحالة المشاهدة، فالتصريح بنفى ما لا حاجة إلى نفيه، وترك التعرض بنفى ما ينبغى التعرض بنفيه خلاف مقتضى الظاهر، فما الوجه؟
قال العلماء فى تحقيق ذلك: إن الآية صرحت بنفى المشاهدة مع عدم الحاجة إليه، وتركت التعرض بنفى السماع، مع أن العقل يجوزه فى الجملة لنكتة، وهى التهكم باليهود المنكرين لنبوته صلى الله عليه وسلم؛ ولأن يوحى إليه. وطريق التهكم أن العلم منحصر فى الثلاثة المذكورة لا محالة، وأنهم ينكرون الوحى إليه، ويعترفون أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم ليس من أهل السماع، وقراءة كتب التواريخ للقطع بأنه، عليه السلام، لم يخالط أهل الكتاب، ولم يصاحب منهم أحدا، فلم يبق من طريق العلم فى حقه صلى الله عليه وسلم إلا مشاهدة ما أخبر به من الوقائع، وذلك أنهم كما ينكرون الوحى إليه صلى الله عليه وسلم مع اعترافهم له بأنه لم يصاحب أحدا من أهل الكتاب، فإذا نفت الآية المشاهدة، وانتفاؤها معلوم قطعا ويقينا عند كل أحد، كان المقصود التهكم بمنكر الوحى، كأنه قيل لهم: أيها المنكرون، أن يوحى إليه صلى الله عليه وسلم

اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست