وتواتر نقلها جيلا بعد جيل بأعلى درجات الرواية وهى المشافهة، حيث يتلقى القارئ القرآن عن المقرئ، والمقرئ قد تلقاه عن شيخه، وشيخه عن شيخه، وهكذا ... حتى تنتهى السلسلة إلى النبى صلّى الله عليه وسلم.
هذه الصفة هى التى اصطلح على تسميتها بعد ذلك (بعلم التجويد).
وإن أول من وضع قواعد التجويد العلمية أئمة القراءة واللغة فى ابتداء عصر التأليف فى القرن الثالث الهجرى وذلك بعد ما كثرت الفتوحات الإسلامية وانضوى تحت راية الإسلام كثير من الأعاجم واختلط اللسان الأعجمى باللسان العربى وفشا اللحن على الألسنة.
فخشى ولاة المسلمين أن يفضى ذلك إلى التحريف فى كتاب الله تعالى، فعملوا على تلافى ذلك، وأحدثوا من الوسائل ما يكفل صيانة كتاب الله عز وجل- من اللحن. فأحدثوا فيه النقط والشكل. بعد أن كان المصحف العثمانى خاليا منهما، ثم وضعوا قواعد التجويد حتى يلتزم كل قارئ بها عند ما يتلو شيئا من كتاب الله.
وهذا العلم- ولا شك- هو حلية التلاوة وزينة الأداء والقراءة، وهو إعطاء الحروف حقها من الصفات اللازمة لها، ومستحقها من الأحكام الناشئة عن تلك الصفات.
كما أن لتعلمه أهمية كبيرة حيث يعين المسلم، والمسلمة على تلاوة كتاب الله غضا كما أنزل.
وعلم التجويد وإن كان صناعة علمية لها قواعدها. فإنه لا يكتسب بالدراسة بقدر ما يكتسب بالممارسة، والمرانة، والسماع من المشايخ، وقراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه ...
قال ابن الجزرى- رحمه الله- وهو من أئمة القراءات:
«ولا أعلم لبلوغ النهاية فى التجويد مثل رياضة الألسن والتكرار على اللفظ