فائدة حول منشأ القراءات وصلة القراءات السبع بالأحرف السبعة
لم يكتف أمير المؤمنين عثمان بن عفان بإرسال المصاحف وحدها إلى الأمصار وإنما أرسل معها جماعة من قراء الصحابة يعلمون الناس، ولمّا لم تكن المصاحف العثمانية ملزمة بقراءة معينة لخلوها من النقط والشكل، لذا فقد أقرأ كل صحابى أهل إقليمه بما سمعه تلقيا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما دامت هذه القراءة يحتملها المصحف العثمانى الذى أرسل منه نسخ إلى جميع الآفاق، فمثلا لفظ (فتبينوا) من قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [1] من غير نقط يحتمل قراءة (فتثبتوا) ... ومن هنا كان منشأ القراءات.
وأما عن صلة القراءات السبع بالأحرف السبعة المذكورة فى الحديث، فليعلم أن الأحرف السبعة نزلت فى أول الأمر للتيسير على الأمة. فالعرب ألسنتهم مختلفة ولهجاتهم متباينة، ويتعذّر على الواحد منهم أن ينتقل من لهجته التى درج عليها، ثم نسخ منها الكثير بالعرضة الأخيرة، وليس الأمر كما توهمه بعض الناس من أن القراءات السبع هى الأحرف السبعة. والصواب أن قراءات الأئمة السبعة بل العشرة التى يقرأ بها الناس اليوم هى جزء من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن وهذه القراءات جميعها موافقة لخط المصاحف التى بعث بها الخليفة عثمان إلى الأمصار. وقد سوّغ كل واحد من القراء قراءة الآخر وأجازها وانعقد الإجماع على أن جميع القرآن الذى أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته، هو هذا الذى بين الدفتين الذى حواه المصحف العثمانى الإمام، وأنه لم ينقص منه [1] الحجرات: 6.