اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 119
الاختلاف في القراءة الذي يسمح به نزول القرآن على سبعة أحرف- فإنما يدل على أن شيئا من الطابع الفردي أو الشخصي قد أسبغ على مصحف أبي بكر على الرغم من العناية التي بذلت في جمعه [1] وإن الذي ساعد على ذلك- فيما يبدو لنا- بقاؤه محفوظا بعناية عند الخليفتين الأولين، إلى جانب طبيعة المكانة المتكافئة أو المتقاربة التي يحتلها الصحابة عموما، والتي لا تجعل من الخليفة رجلا متميزا في المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت. ولهذا فإن الواجب الآن، بعد الاختلاف الذي أشار إليه حذيفة، يقتضي إعطاء مصحف أبي بكر فرصة النشر والتعميم على الأقاليم الإسلامية، وجعله وثيقة للناس كافة. وهذا ما فعله عثمان بن عفان كما تدل على ذلك الروايات الكثيرة، وكما أقره عليه الصحابة- رضوان الله عليهم- عند ما قالوا له: نعم ما رأيت [2].
3 - تشير رواية البخاري السابقة إلى أن اللجنة التي انتدبت للقيام بهذا العمل كانت مؤلفة من أربعة من خيرة الصحابة وثقات الحفاظ، ثلاثة من قريش، وواحد من الأنصار
وهو زيد بن ثابت.
وجاء في بعض الروايات أن الذين انتدبوا للقيام بهذا العمل أكثر من هذا العدد [3]، ويبدو أن اللجنة التي «كلّفت» من قبل الخليفة تتألف من أربعة، إلا أن اجتماع الصحابة على العمل واشتراكهم في الإقرار بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ على هذا النحو- الذي نجده الآن في المصاحف- وتثبّت الجماعة في ذلك .. هو الذي أوهم كثرة العدد في اللجنة الرسمية التي أنيط بها العمل المذكور؛ أخرج ابن أشتة من طريق أيوب عن قلابة أن عثمان بن عفان- وقد راعه اختلافهم- قال: يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما، فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدارءوا [1] انظر الدكتور دراز، المصدر السابق. [2] «مقدمتان في علوم القرآن» ص 44، والإتقان 1/ 103. [3] الإتقان 1/ 103.
اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 119