اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 118
«عن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى! فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة:
إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة. فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق» [1].
وتوضح بعض الروايات الأخرى عند أبي داود وفي كتابي (البرهان) و (الإتقان) أن الاختلاف في القراءة الذي لاحظه حذيفة، والذي ظهر عند اجتماع الجيوش الإسلامية الوافدة من الأقاليم- سورية والعراق- يعود إلى أن أهل الشام كانوا يتبعون قراءة «أبيّ بن كعب» والعراقيين يتبعون قراءة ابن مسعود .. وبعضهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري، فقال بعضهم لبعض: «قراءتنا خير من قراءتكم ... » [2] وهذا أمر يفزع من مثله، وإن دلّ على شيء- فيما وراء [1] صحيح البخاري 6/ 99. قال القرطبي، معقبا على هذه الرواية: «وكان هذا من عثمان رضي الله عنه بعد أن جمع المهاجرين والأنصار وجلّة أهل الإسلام وشاورهم في ذلك، فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت في القراءات المشهورة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم واطّراح ما سواها، واستصوبوا رأيه وكان رأيا سديدا موفّقا، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين» 1/ 52. [2] انظر البرهان 1/ 139 والإتقان 1/ 102 - 103 وانظر كتاب مدخل إلى القرآن الكريم للدكتور دراز ص 38.
اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 118