responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 360
ما يتفق مع مدركات هذه العقول، ثم يدع لرقيها الفكرى الكشف عما سوى ذلك بحسب قوانين النمو والارتقاء. وذلك من أدب الاسلام فى التعليم ومن سننه فى إرشاد الناس إلى حقائق المعارف.
روى البخارى فى صحيحه عن على كرم الله وجهه: «حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله» [1].
وروى مسلم عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: «ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» [2].
ومن هنا نستطيع أن نفهم السر فى إجابة القرآن الكريم للسائلين عن أوجه القمر بصرفهم عن السؤال ولفت أنظارهم إلى فوائد ذلك ومزاياه يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189].
(ومنها): أن القرآن الكريم لو عرض لبيان هذه الشئون كلها، واستوعب حقائقها وتفصيلاتها لصعب على الناس حفظه، ولمضت الأزمان الطويلة دون استيعابه نزولا أو معرفة، ولنسى الناس هديه وإرشاده، فإن كثير الكلام ينسى بعضه بعضا.
ولقد يسره الله تعالى وسهله ليكون ذلك أدعى إلى تذكره وأقرب للوصول إلى مقاصده والعمل بما فيه وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17].
تلك هى بعض الحكم التى من أجلها لم يتناول القرآن الكريم حقائق العلوم الكونية بالتفصيل والتوضيح، وترك ذلك للعقل البشرى يرقى إليه ببحثه المتواصل، ويتذوق لذة معرفته بكفاحه وجهاده، وهناك حكم أخرى لا نطيل القول فيها، وحسبك من القلادة ما أحاط بالجيد، والكلام فى أسرار كتاب الله ذو سعة.
ومن ذلك نستطيع أن نقول: إن القرآن الكريم جاء بهذه الظواهر واستعرضها وعرضها على الناس فى كثير من المواضع لغرض واحد: هو العبرة والعظة، ولفت العقل والقلب إلى ما فيها من جمال وروعة ورقة وإعجاز وإبداع لا يكون إلا عن صانع حكيم متصف

[1] رواه البخارى موقوفا فى كتاب العلم برقم (127).
[2] رواه مسلم فى المقدمة موقوفا.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 360
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست